إسلام ويب

لماذا نصوم -1للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • صوم رمضان ركن من أركان الإسلام، فيجب على كل مسلم القيام به طاعة لله تعالى، ولمحبة الله تعالى له، ولما فيه من الجوائز الربانية الكثيرة الدنيوية والأخروية، وتعظيماً لما عظم الله سبحانه.
    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا في مثل هذه الليلة، ليلة السبت من يوم الجمعة في سالف أيامنا ندرس السيرة النبوية العطرة من كتاب: هذا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يا محب، ونظراً لقرب رمضان -قد يكون بعد غد- فرأينا أن نذكر أنفسنا بأحكام الصيام، وهي من الضروريات، يجب على من أراد أن يدخل في عبادة أن يعرفها ويعرف كيف يؤديها ويعرف فضائلها؛ حتى تنتج له زكاة نفسه وطهارة روحه.

    هل نحن في حاجة إلى تزكية نفوسنا وتطهيرها؟

    نعم، لقد صدر حكم الله على البشرية جمعاء أن من لم يزك نفسه خاب وخسر، ومن زكاها أفلح ونجا وفاز، وإن قلت: من أين لك هذا؟ قلت:

    ألم تقرأ سورة: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]؟ أما قال تعالى بعد الأيمان الثمانية أو التسعة: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]؟ أبعد هذا تسأل؟

    صدر حكم الله علينا -الأولون كالآخرين- أن من زكى نفسه وطيبها وطهرها فأصبحت كأرواح الملائكة دخل الجنة، ومن خبَّثها ولوثها بأدران الذنوب والآثام وكانت كأرواح الشياطين فهي في جهنم دار البوار.

    ويجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحفظ هذه الجملة: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، هذا حكم الله.

    بم نزكي أنفسنا، وما هي مواد التزكية والتطهير؟

    الإيمان والعمل الصالح، مع إبعاد النفس عما يدسيها من الشرك والذنوب والمعاصي، فكل عبادة سرها أنها تولد لك الطاقة النورانية لنفسك؛ فلهذا إن لم تخلص في العبادة لله بطل مفعولها، ووالله لا تنتج لك نوراً ولا إيماناً.

    ثانياً: إن أديت على خلاف ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما تزكي نفسك، وهي باطلة، وعندكم فقهاؤكم قل له: يا شيخ! أنا صليت الصبح وزدت فيها ركعة؛ لأني فارغ ليس عندي ما يشغلني فزدت ركعة ثالثة؟ لن يقول لك: صلاتك صحيحة؛ لأنها عملية لتوليد النور المعبر عنه بالحسنات، فإذا أنت زدت فيها أو نقصت بطلت، أو قدمت أو أخرت بطلت؛ فلهذا يجب على كل من يريد دار السلام أن يزكي نفسه بالإيمان وصالح الأعمال، وبإبعادها عن أوضار الشرك والآثام.

    فمن هنا بين أيدينا رسالة من رسائل الدعوة وهي: لماذا نصوم نحن المسلمين؟

    أولاً: لماذا نصوم نحن المسلمين وغيرنا لا يصومون؟

    ثانياً: كيف نصوم؟

    لقد عرفتم أن العبادة عبارة عن عملية توليد النور وتزكية النفس، إن لم تكن مشروعة من قبل الله تعالى لم تنفع، يستحيل أن يقوم رجل أو مليون من علماء الأرض بإنتاج كلمة فقط من قالها زكت نفسه، أو إيجاد حركة طويلة أو قصيرة متعبة أو مريحة ثم يقولون: من فعل هذا زكت نفسه، والله ما كان ولن يكون؛ ولهذا العبادات شرعها الله في كتابه وبينها رسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم، فمن زاد فيها أو نقص منها أو قدم أو أخر بطلت، أي: لم تنتج الطاقة المفروضة، ولم تولد النور للنفس البشرية، واسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، أعطيكم مثالاً محسوساً: لو تجتمع البشرية كلها هل تستطيع أن توجد لنا غذاء وهواء وماء غير ما خلق الله للحفاظ على الجسم البشري؟ مستحيل، فكذلك الروح يستحيل أن يوجد لها إنسان ما يزكيها أو يطهرها، إنه لا يقدر على ذلك.

    لو قال لكم أحد: قوموا الليلة نطوف بالحجرة الشريفة سبعة أشواط من فعلها كان له كذا وكذا، والله لا يمكنه ولا حسنة واحدة، والله ولا أقل ما يكون من زكاة النفس وتطهيرها.

    الآن عرفتم لماذا ندرس الصيام، لنتعلم كيف نصوم، وحتى ينتج صومنا لنا زكاة أرواحنا وطهارة نفوسنا، عملية للنفس ما هي للبدن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088459937

    عدد مرات الحفظ

    776857639