إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 46للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد غزوة الأبواء التي لم يلق فيها النبي ومن معه أحداً من المشركين، فلم يقاتلوا ولم يغنموا، خرج في نفس الشهر يريد أن يلقى عيراً لقريش ببواط، فلم يدركهم، وثبت ببواط إلى جمادى الأولى، ثم خرج في غزوة ثانية في نفس الشهر وهي غزوة العشيرة، فلم يظفر بشيء من عير قريش، ولكنه وادع في هذه الغزوة بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، فكان في ذلك خير للإسلام والمسلمين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فقد انتهى بنا الدرس عند مقطوعة من ثاني غزواته صلى الله عليه وسلم وهي [غزوة بواط] وبواط: مكان قريب من ينبع.

    قال: [وبعد عودته صلى الله عليه وسلم من غزوة (ودَّان) أو (الأبواء)] والأبواء منطقة قريبة من رابغ، وبها آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ كانت قادمة من عند أخوال النبي صلى الله عليه وسلم فتوفيت بها، وقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في أن يسمح له بزيارتها فأذن له، وطلب منه أن يأذن له في الدعاء والاستغفار لها فلم يأذن له، فبكى صلى الله عليه وسلم، ويشهد لهذا قول الله عز وجل من سورة التوبة: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113]، وعليه فلا يجوز الاستغفار لمن مات على الكفر والشرك أبداً.

    قال:[في ربيع الأول من هذه السنة الثانية من هجرته المباركة] من مكة إلى المدينة [استخلف على المدينة النبوية السائب بن عثمان بن مظعون ] وعثمان بن مظعون أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع، وأول من مات من المهاجرين بالمدينة [أو سعد بن معاذ ] اختلفت الروايات في أيهما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة وخرج غازياً [وخرج في نفس شهر ربيع الأول في مائتي راكب، يريد عيراً لقريش عليها مائة رجل من بينهم أمية بن خلف ] الطاغية الكبير [وتعداد أبعرتها يبلغ ألفين وخمسمائة بعير] كانت تحمل البضائع [فسار صلى الله عليه وسلم ولواؤه] أي: رايته [مع سعد بن أبي وقاص ] وهو من سادات المهاجرين رضي الله عنهم [حتى بلغ بواط من ناحية جبل رضوى جهة ينبع النخل] وجبل رضوى موجود إلى الآن، وتغنى به الشعراء [فلبث ببواط بقية شهر ربيع الثاني، وعاد في أوائل جمادى الأولى إلى المدينة دار هجرته المباركة، ولم يلق كيداً] لا قتال ولا غيره [وذلك لعدم اصطدامه بعير قريش حيث فاتت] مرت وفاتت [ونجت بتدبير الله عز وجل وإرادته، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن].

    خرج النبي صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب بنية أن يأخذوا هذه الغنائم مقابل ما أخذت قريش من أموالهم وطردتهم، فلهم حق في ذلك، ولكن لم يشأ الله، فالقافلة مضت قبل أن يخرجوا إلى الطريق وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

    قال: [وحسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم اجتهدوا باذلين الأسباب، وليس عليهم إلا ذلك] حسبهم أنهم بذلوا جهدهم وطاقتهم، وهذه أسباب لا بد منها، ولكن لم يشأ الله أن يظفروا بهذه الغنيمة [أما بلوغ الأرب] وقضاء الحاجة [والحصول على المطلوب فهو لله عز وجل]. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه مائتا مؤمن مهاجر وأنصاري أرادوا شيئاً لكن الله لم يرده، وقد أدوا الأسباب كاملة ولم يشأ الله ذلك.

    قال: [وهو يعطي ويمنع؛ لحكم عالية يجب التسليم له في ذلك والرضا بما قضى] فما تململوا ولا تضجروا ولا سخطوا ولا قالوا كيف هذا ولا .. وهذا هو تفويض الأمر إلى الله، فالسبب فعلوه والنجاح على الله عز وجل، وكونه تعالى لم يمكنهم فهو لحكمة عالية، فهذا تدبيره في خلقه، فلم يبق علينا إلا أن نسلم لله في حكمه، وأن نرضى بقضائه وتطمئن نفوسنا بذلك، فلا حزن ولا غم ولا هم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088518852

    عدد مرات الحفظ

    777082245