إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 87للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء بعث بسرية عليها ابن أبي العوجاء إلى بني سليم، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، فاحتدم قتال شديد، ونجى أمير السرية مع فئة قليلة، ودخلت السنة الثامنة، وكان أول أحداثها سرية غالب الليثي إلى بني الملوح، ثم كانت سرية شجاع إلى بني عامر، وعادت السريتان بالنصر والغنيمة، ثم كانت سرية عمرو الغفاري إلى ذات الأطلاع، فقتل أصحاب عمرو ولم ينج إلا هو.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    ها نحن في آخر أحداث السنة السابعة ومن آخر أحداثها: [سرية ابن أبي العوجاء ] وهي سرية بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين المجاورين لدعوتهم إلى الإسلام، فإن أبوا قاتلهم؛ عملاً بقول الله تعالى من سورة التوبة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:123] ينصرهم ويؤيدهم ويفتح عليهم.

    وهذه الآية ثابتة راسخة لم تنسخ، ولا يتأتى أن نقول إنها نسخت أبداً؛ إذ سورة التوبة من آخر ما نزل وكلها أحداث جسام، وقد نفذ رسول الله هذا الأمر وقاتل من حوله -والدائرة تتسع- إلى أطراف الجزيرة حتى دخلت كلها في الإسلام، وقبضه الله إليه، ثم قام من بعده أصحابه بهذه الرسالة، فما هي إلا فترة لم تتجاوز الربع قرن حتى كان الإسلام في الأندلس ومن وراء نهر السند، عملاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة:123].

    قال: [ولما رجع صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء -وذلك في شهر ذي الحجة-] تلك العمرة التي خرج فيها مع ألف وأربعمائة رجل ليعتمر، ومكة تحت سلطان قريش الكافرة، فلما انتهى به السير إلى مقربة من البلد الحرام، وعلمت قريش بخروجه صلى الله عليه وسلم ورجاله، جهزت جيشها وخرجت لاستقباله، لتمنعه من دخول مكة بدون رضاها، ثم تم صلح يسمى بصلح الحديبية ومن بنوده: أنه يأتي في العام المقبل يعتمر هو ورجاله، على أن تخلي لهم قريش مكة ثلاثة أيام، وتم هذا بالفعل، وأصبحت هذه العمرة تسمى بعمرة القضاء؛ إذ الأولى ما تمت وتحلل صلى الله عليه وسلم ورجاله بالذبح، وكل من أحرم بعمرة أو حج ولم يشترط، وحال بينه وبين الاعتمار أو الحج حائل -عجز- فإنه لا يتحلل إلا بذبح شاة، أو يشترك بسبع بعير أو بقرة، ومن عجز بالكلية صام عشرة أيام، وكانت هذه العمرة -عمرة القضية- في السنة السابعة.

    وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب أنهم يغزون قريشاً ولا تغزوهم، فقال: ( الآن نغزوهم ولا يغزونا )؛ لأنهم حاصروا المدينة بجيوش جرارة من أسفل ومن فوق، ولكن الله ردهم خائبين بعد خمس وعشرين ليلة، فأرسل عليهم ريحاً اقتلعت الخيام ورمت بها في العراء، وأكفأت القدور، فعرفوا أنه لا محالة من الهرب، فأذن مؤذنهم -رضي الله عنه- أبو سفيان أن عودوا إلى دياركم، وبعد الكرب، والحزن، والألم، والجوع، والبرد الذي عانى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الآن نغزوهم ولا يغزونا ).

    إذاً: [بعث سرية عليها ابن أبي العوجاء السلمي ] هذه السرية كانت في شهر ذي الحجة [في خمسين فارساً] على خيولهم [بعثهم إلى بني سليم، وكان لهم عين] أي: كان لبني سليم جاسوس بالمدينة، عرف أن السرية أُمرت بالخروج، فأرسل يُعلم إخوانه بذلك [فذهب إليهم فأخبرهم بقدوم السرية عليهم] يعني: انتبهوا يا بني قومي! سرية بكذا فارس قد أرسلت إليكم [لدعوتهم إلى الإسلام فتهيئوا للقتال، ودفع دعوة الإسلام، فلما انتهى إليهم رجال السرية] وهم خمسون فارساً [ودعوهم إلى الإسلام، رشقوهم بالنبل ولم يسمعوا قولهم] ما قبلوا الدعوة [وقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه، فرموهم ساعة، وجعلت الإمدادات تتلاحق] من المشركين [وتحدق بهم من كل جانب، وقاتل أفراد السرية قتالاً شديداً حتى قتل عامتهم، وأصيب أميرهم بجروح كثيرة إلا أنه تحامل حتى وصل المدينة مع من بقي معه من المسلمين] واستشهاد في سبيل الله خير من هذه الحياة الهابطة؛ لأنهم ذهبوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعيّن عليهم قائداً وأميراً فقاتلوا حتى كتب الله لهم السعادة بالشهادة، فهنيئاً لهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088469411

    عدد مرات الحفظ

    776900857