إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 122للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلامه مع البهائم وتوقيرها له، ومن معجزاته كذلك شفاء المرضى، فقد دعا صلى الله عليه وسلم لغلام ممسوس فخرج منه الجني بدعاء المصطفى، ودعا لضرير بأن يرد الله عليه بصره فعاد بصيراً كما كان من قبل، وغيرها من المعجزات التي تشهد بصدق نبوته صلى الله عليه وسلم وتأييده من رب العزة والجلال.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وها نحن ما زلنا مع المعجزات المحمدية، وقد عرفتم أن العامة يقولون: لا نبي إلا بالمعجزات، ولا ولي إلا بالكرامات، وهو كذلك.

    قال: [وخامسة عشر المعجزات: سجود البعير له صلى الله عليه وسلم وشكواه إليه] فالبعير سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه مصائبه وأتعابه، فسبحان الله! فهذا البعير الحيوان المعروف خر ساجداً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه ما يعانيه من مالكيه، وإليكم الرواية الآتية:

    قال: [روى النسائي وأحمد بسنديهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه] هذا خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال: ( كان أهل بيت من الأنصار )] وجد أهل بيت من الأنصار سكان المدينة من بني الأوس والخزرج [( لهم جمل )] أي: بعير ذكر [( يسنون عليه )] أي: يستخرجون الماء بواسطته [( وأنه استصعب عليهم )] أي: قوي وما طاقوه [( فمنعهم ظهره )] أي: لا يستطيعون أن يركبوا عليه [( وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه، وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل )] أي: ارحمنا يا رسول الله [( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا. فقاموا فدخل الحائط )] والمراد بالحائط البستان، وسمي حائطاً لأنه محاط بالجدران [( والجمل في ناحية )] أي: من نواحي البستان [( فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه )] أي: جهة البعير [( فقال الأنصار: إنه صار مثل الكلب، وإنا نخاف عليك صولته. فقال: ليس عليَّ منه بأس )] ولا أذى [( فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه )] أي: جهته [( حتى خر ساجداً بين يديه )] وهذه آية النبوة! كيف أن الجمل وهو حيوان يسجد لإنسان؟! فتلك علامة أنه رسول الله بحق.

    قال: [( فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل )] أي: قاده الرسول للعمل [( فقال له أصحابه: يا رسول الله! هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن أحق أن نسجد لك! فقال: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها )] ولكن لا سجود إلا لله رب العالمين.

    قال: [كما روى مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً مع بعض أصحابه حائطاً )] والحائط هو البستان [( من حيطان الأنصار )] أي: بساتينهم [( فإذا جمل قد أتاه، فجرجر وذرفت عيناه )] أي: هذا الجمل [ (فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن)] أي: مسح من حيث عظام أذنيه، فهدأه وسكن [( فقال صلى الله عليه وسلم: من صاحب الجمل؟ )] هذا الذي جاء يبكي [( فجاء فتى من الأنصار قال: هو لي يا رسول الله، فقال له صلى الله عليه وسلم: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكها الله لك؛ إنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه )] أي: تجوعه وتكثر عليه العمل [أي: تواصل العمل عليه بدون انقطاع] فهذا جمل صاحبه لا يطعمه كما ينبغي ثم يواصل العمل عليه دائماً فما يستريح، فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ورآه الجمل جاء إليه يجري يجرجر ويبكي والدموع تسيل، ثم نادى: يا صاحب الجمال! ما لك! إن هذه بهيمة ملكها الله لك، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه، أي: تواصل العمل عليه.

    فهذه معجزة أن الجمل يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي ويجرجر، ويعرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن سبب ذلك أنه قد أجاعه ودأب العمل عليه بدون انقطاع.

    قال: [أليست هذه آية من آيات النبوة ومعجزة من عظيم معجزاتها؟ بلى] نعم [ولذا كان الكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أقبح الكفر وأسوئه] أليست هذه آية من آيات النبوة واضحة كالشمس معجزة من عظيم المعجزات؟ بلى [ولا يكون إلا من جهل كامل، أو حسد قاتل] أي: لا يكون الكفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا من جهل كامل أو حسد قاتل والعياذ بالله [أو خوف فوات منافع مادية طائلة، كما كان شأن الجهال من الأمم والشعوب، وحسد اليهود، وخوف رجال الكنيسة من زوال سلطانهم الروحي، وما يترتب عليه من فقدانهم المال والرئاسة الروحية على الشعوب المسيحية].

    تأملتم! أليست هذه آية من آيات النبوة في كون الجمل يخر ساجداً، ويأتي يبكي ويذرف الدموع، ويعرف الرسول ما حاله؟ فهذه معجزة من معجزاته؛ ولذا قال المؤلف: [ولذا كان الكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أقبح الكفر وأسوئه، ولا يكون] أي: هذا الكفر [إلا من جهل كامل] أي: أن صاحبه لا بصيرة له ولا نور [أو حسد قاتل] كحسد اليهود، [أو خوف فوات منافع مادية طائلة، كما كان شأن الجهال من الأمم والشعوب، وحسد اليهود، وخوف رجال الكنيسة من زوال سلطانهم الروحي وما يترتب عليه من فقدانهم المال والرئاسة الروحية على الشعوب المسيحية].

    لو قيل لك: لماذا اليهود لا يؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم مع أنها كالشمس؟ والجمل يبكي، والشجر يأتي، فكيف لا يؤمنون؟

    الجواب: منعهم إما جهل مركب فما عرفوا الطريق، أو حسد كحسد اليهود، أو الحفاظ على المنصب والرياسة كالرهبان والقسس، فهذا هو الحق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530208

    عدد مرات الحفظ

    777155063