إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 125للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كان النبي صلى الله عليه وسلم صاحب أخلاق رفيعة، وشمائل سامية، لم لا وقد كان خلقه القرآن، فكان صلى الله عليه وسلم إذا نظر غض بصره فلا يتبع الأشياء بنظره، وإذا مشى مع أصحابه لم يتقدمهم، وإذا تكلم أتى بجوامع الكلم وكان كلامه فصلاً، وإذا واجه ما يغضب البشر لم يغضب إلا أن يجد حرمات الله تنتهك فإنه عندئذ لا يقوم لغضبه شيء، وكان كثير الحزن صلى الله عليه وسلم، قليل الفرح، وكان ضحكه تبسماً عليه الصلاة والسلام.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وقد انتهى بنا الدرس إلى الأخلاق المحمدية.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم: [الأخلاق المحمدية التي فيها أسوة للمؤمنين] أي: الأخلاق النبوية التي فيها قدوة للمؤمنين وللمؤمنات، فهيا نستمع إليها. قال: [قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]] فأقسم الجبار: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:1-4]، شهادة الله تعالى له بأن خلقه عظيم، لا يدانى فيه، ولا يساوى قط.

    قال: [وقال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]] أي: قدوة صالحة فاقتدوا به، والأسوة بالضم والكسر بمعنى واحد، وهما قراءتان سبعيتان، والمعنى: لقد كان لكم والله في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة صالحة فاقتدوا به في الجلوس كيف تجلسون. ومن اقتدى به وتزيَّا بزي آدابه فاز وسعد وكمل ورب الكعبة! وويل للمعرضين والجاهلين.

    قال: [فقوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] شهادة من الله له صلى الله عليه وسلم بأنه على أكمل الأخلاق وأتمها وأرفعها وأفضلها، بحيث لا يدانى فيها بحال من الأحوال] أي: لا يقارب فيها.

    قال: [وشاهد آخر في قوله صلى الله عليه وسلم: ( أدبني ربي فأحسن تأديبي )] ومن أدبه ربه كيف يكون؟! ومن أدبه أستاذ أو أدبه أبوه يصبح عظيماً فكيف بالذي يؤدبه الله؟! وستشاهدون آثار هذه الآداب.

    قال: [وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( بعثت لأتمم صالح الأخلاق )] أي: بعثني ربي من أجل أن أتمم مكارم الأخلاق، فما نقص منها وهبط ونسي وترك أنا جئت لأكمله: ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ).

    قال: [وفي قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]] لاحظتم من هم الفائزون؟ لقد كان لكم معشر المسلمين في رسول الله أسوة حسنة، من يظفر بها ويفوز؟ قال: لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].

    قال: [هذا إعلام من الله تعالى لعباده المؤمنين بما أوجب عليهم من الاقتداء برسولهم الذي كمله خَلْقاً وخلُقاً، وشرفه أصلاً ومحتداً، ورفعه منزلة وقدراً؛ حتى لا تأنف النفوس من اتباعه والاقتداء به في كل ما هو في استطاعتها التحلي به، والتقرب إلى ربها عز وجل باتباعه والاقتداء به فيه.

    ومن هنا كان الكمال المحمدي ضربين] أي: نوعين [ضرباً لم تشرع الأسوة فيه] أي: ما أذن الله لنا أن نقتدي به فيه، وليس من حقنا هذا؛ وذلك [لعجز المرء عن كسب مثله، وذلك كشرف الأصل] فكيف نصل إلى ما وصل إليه رسولنا وهو من إبراهيم .. من عدنان . فهو نطفة محفوظة في أصلاب الرجال إلى أمه آمنة وأبيه عبد الله ؟! [وجمال الذات] فذاته جميلة لا يمكن أن تطمع أن تكون مثله بحال من الأحوال [وعلو القدر] فقدره عال، من يساويه؟ ومن يطمع في ذلك؟ [والاصطفاء للرسالة] ومن يطمع أن يكون نبياً رسولاً؟ [وتلقي الوحي الإلهي] ومن يطمع في هذا أيضاً؟

    قال: [وضرباً مأموراً بالاقتداء به فيه] الأول لا مطمع فيه، والثاني مأمورون بأن نقتدي به فيه [والمنافسة] أيضاً بيننا [في تحصيل أكبر قدر منه، والمسابقة إليه أيضاً والجد في الطلب للظفر به والحصول عليه، وهو ما سنذكر جملاً صالحة منه سائلين الله تعالى أن يرزقنا التحلي به، والموت والحياة عليه، اللهم آمين!].

    وباسم الله كل منا يحاول من الآن أن يتجمل بهذه الحلل الجميلة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087844701

    عدد مرات الحفظ

    774365843