إسلام ويب

نداءات الرحمن لأهل الإيمان 93للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأموال والأزواج والأولاد فتنة يمتحن الله تعالى بها عباده، ليعلم الصادق في الطاعة من الكاذب، والبار من الفاجر، ومن يحب الله ورسوله ممن يحب ماله وولده، والعاقل من آثر ما عند الله، وأحسن التصرف في أمواله وأولاده، فلم يعص الله عز وجل من أجلهم، لا بترك واجب، ولا بفعل محرم.
    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.

    النداء الذي سمعناه أمس وعرفنا ما فيه وتهيأنا للعمل لما دعانا إليه له خلاصة في الأرقام الخمسة التالية:

    [ أولاً: حرمة التشاغل بالمال والولد إذا كان يحملك ذلك على إضاعة بعض الفرائض أو ترك الحقوق والواجبات، كذكر الله تعالى وفعل الخيرات ] لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [المنافقون:9]. فإذا كان هذا التشاغل يحمل العبد على إضاعة بعض الفرائض أو ترك الحقوق والواجبات يصبح هذا التشاغل حراماً، بل نعطي للمال وقته، وللولد وقته، ولا يحملنا ذلك على ترك شرائع الله وفرائضه وواجباته.

    [ ثانياً: حرمة تأخير الحج مع القدرة عليه، والتشاغل عنه بالمال والولد، أو تسويفاً أو مماطلة ] وهذا يفهم من قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [المنافقون:10]. فمن هذا اللفظ الإلهي استنبطنا وفهمنا حرمة تأخير الحج مع القدرة عليه وتسويفه، أو المماطلة فيه والتشاغل عنه بالمال والولد؛ لأن الإنسان لا يدري هل يعيش سنة أخرى أو لا، والله يقول وقوله الحق: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [المنافقون:10]. ونحن لا ندري متى يأتينا الموت. ومن هنا إذا وجب حق من الحقوق فيجب ألا نماطل فيه، وألا نسوفه أو نؤخره، وإنما ننجزه على الفور؛ خشية أن يدركنا الموت ونحن مضيعون أو مفرطون.

    [ ثالثاً: وجوب الزكاة وحرمة تأخيرها عن وقتها ] لأن الله قال: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ [المنافقون:10]. وأول ما يدخل في هذا الزكاة، فيحرم تأخيرها عن وقتها، فإذا وجبت في محرم فلا ينبغي أن يؤخرها إلى رمضان أو إلى شعبان مثلاً؛ لأنه قد يموت قبل أن يخرجها، فيتأسف ويتحسر ويقول: رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي [المنافقون:10].

    [ رابعاً: الندب إلى فعل الخيرات كالصدقات ونوافل العبادات من صيام وصلاة وغيرهما ] وهذا يدل عليه قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [المنافقون:10]. فإذا كنت قادراً على أن تتنفل بالصدقة أو بالصيام أو بالصلاة فعجل، فسيأتي ساعة تشاهد فيها ملك الموت فتقول: يا ليتني فعلت كذا!

    [ خامساً: لا تنس ذكر الدار الآخرة فإن الموت اللازم طريقها ] ومن نسي الدار الآخرة ونسي الموت انغمس في الأهواء والشهوات، فلا بد وأن تكون الدار الآخرة دائماً نصب أعيننا، وفي الحديث: ( اذكروا هاذم اللذات ). وهو الموت. فلا تنسه، ومن نسي الموت أقبل على الدنيا، وانغمس في أوحالها، وتمزق فيها. وقد قال تعالى في القرآن الكريم في ذكر صالحي عباده: إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ [ص:46]، أي: ذكر الدار الآخرة، فقد ميز الله بها صالح عباده، وفي قراءة سبعية: ( إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار الآخرة) [ فاذكر هذا، والله يتولى الصالحين.

    وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088526121

    عدد مرات الحفظ

    777133662