إسلام ويب

تفسير سورة النحل (26)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يفتح الله عز وجل باب التوبة لعباده من كل ذنب صغر أو كبر، ما دام أن صاحبه صدق في توبته وأصلح ما بينه وبين الله فهؤلاء حق على الله أن يغفر لهم ويرحمهم في الدنيا والآخرة، ثم يذكر الله فضائل إبراهيم عليه السلام وأنه كان أمة بهمته ودعوته، مطيعاً لله قانتاً في عبادته، شاكراً لله على فضله ونعمته، حتى أهّله هذا إلى أن الله اصطفاه لخلته وأرشده إلى طريق هدايته، وأكرمه بعاجل أجر الدنيا وآجل فضل الآخرة، بل أمر خير أنبيائه ورسله أن يتأسى به ويتبع ملته، ثم أشار الله عز وجل بعد ذكر فضائل من أطاعه إلى فضائح من عصاه، وهم اليهود الذين جعل الله السبت عليهم نقمة لهم لا نعمة، وبين أنه سيريهم عاقبة مخالفتهم لرسله وذلك يوم القيامة.
    الحمد لله، نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك. آمين.

    وها نحن مع سورة النحل، ومع هذه الآيات المباركات الكريمات:

    قال تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النحل:119-124].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه بشرى ربانية إلهية تزف إلى عباد الله من المؤمنين، واسمعوها وهي قول الله تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ [النحل:119] يا رسول الله لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [النحل:119] فالله يغفر لهم ويرحمهم.

    ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ [النحل:119] كالمشركين الذين كانوا يعبدون غير الله بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [النحل:119] ما أفسدوا من نفوسهم ومن حقوق الناس، هؤلاء: إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل:119] أي: بعد تلك التوبة؛ لَغَفُورٌ [النحل:119] لهم، رَحِيمٌ [النحل:119] بهم.

    وكما قدمنا هذه الآية بشرى للمؤمنين، فأيما مؤمن تزل قدمه ويرتكب معصية ثم يتوب بعد ذلك ويصلح ما أفسد إلا ويتوب الله عليه ويغفر له ويرحمه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088547303

    عدد مرات الحفظ

    777255033