إسلام ويب

تفسير سورة آل عمران (62)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أنكر الله على عباده المؤمنين ظنهم أنهم سيدخلون الجنة بمجرد الإيمان ودون أن يبتلوا بالجهاد والشدائد، بل لابد لهم من الابتلاء تمحيصاً لهم وإظهاراً للصادقين منهم في دعوى الإيمان والكافرين فيها، وإظهاراً للصابرين الثابتين والجزعين المرتدين، ثم عاب الله عليهم قلة صبرهم وانهزامهم في معركة أحد، مذكراً لهم بتمنيات من لم يحضروا بدراً للقتال حتى يحوزوا ما حازه من سبقهم، وانكشافهم عند وقوع القتال في أحد.
    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل القرآن العظيم؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده )، اللهم حقق لنا هذا الرجاء، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.

    وها نحن مع سورة آل عمران عليهم السلام، وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآيات الأربع، وتلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ [آل عمران:142-145].

    قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ [آل عمران:142]، أي: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة دار السلام، دار النعيم المقيم التي سقفها عرش الرحمن جل جلاله وعظم سلطانه، و(أل) هنا في (الجنة) للعهد، وهذا الحسبان باطل، والاستفهام هنا إنكاري.

    وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آل عمران:142]، وعلم الله تعالى هنا علم ظهور وانكشاف، أما العلم الأزلي القديم فقد علم الله أهل الجنة وأهل النار، ولهم خلق الجنة والنار.

    أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ [آل عمران:142]، وخاضوا المعارك في بدر وفي أحد، وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آل عمران:142]، على إيمانهم وتقواهم وجهادهم وحبهم لرسولهم، وبالتالي ففرض الله الجهاد عليكم من أجل أن يكشف النقاب ويزيح الستار عن الواقع.

    إذاً: فلا بد من الابتلاء والامتحان والاختبار، إذ قد فرض الله الجهاد وقدَّره على عباده ليظهر صدق إيمانهم وصبرهم، أو يظهر العكس، أي: يظهر نفاقهم وكفرهم وعدم ثباتهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088950765

    عدد مرات الحفظ

    780079939