إسلام ويب

تفسير سورة آل عمران (76)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الإيمان ليس كلمة مجردة يتلفظ بها الإنسان والله عز وجل من سنته في عباده أن يمحصهم بالأوامر والتكاليف والمصائب والحروب، حتى يتميز المؤمنون الصادقون عن المنافقين الكاذبين، ومن أبواب الاختبار والابتلاء التي يتعرض لها العباد ما يأمرهم الله عز وجل به من بذل المال من زكوات ونفقات وصدقات وغير ذلك، فالمؤمن الصادق يعلم أن المال مال الله وهو مستخلف فيه، فينفق المال طيبة به نفسه، وأما المنافق فيعتقد أن المال ماله فيبخل به ظناً منه أن الخير له في حفظ ماله، ولا يعلم أنه شر محظ يطوق به يوم القيامة جزاء وفاقاً.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب ربنا عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده ).

    الحمد لله على توفيقه وإفضاله وإنعامه.

    معاشر المؤمنين والمؤمنات! بين يدي الدرس، أسر إلي هذا الطالب اللبيب، وقال: إن الليلة ليلة المولد، فنريد كلمة قبل الدرس، فأجبته:

    بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

    وبعد: فالليلة ليلة الثاني عشر من ربيع الأول، وهي الثلاثاء، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين، والشهور تزيد وتنقص، فهيا نحتفل بذكرى الحبيب صلى الله عليه وسلم.

    فيا أبنائي! يا إخوة الإسلام! يا مؤمنات! فوالله الذي لا إله غيره ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نحتفل به في ذكراه! فهل نكذب على رسول الله؟ ونبتكر ونخترع عبادات وألوان من الطاعات؟

    أعوذ بالله أن نقع في هذه الورطة! فلو نصمت دهراً طويلاً هل يقوم من يقول: افعلوا كذا وكذا؟ آالله أمر به؟

    هل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك وأرشدنا إليه، ورغبنا فيه وحبذه إلينا؛ فننهض به ولو ننفق ما في جيوبنا؟

    الجواب: والله! الذي لا إله غيره ما ترك لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيئاً، ولا ترك أصحابه ولا أولادهم ولا أحفادهم، ولا أئمة الإسلام الأربعة، ولا من بعدهم، ولا عرفوا شيئاً اسمه احتفال بالمولد النبوي.

    فهل نكذب ونبتدع؟!

    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )، فهل يجوز لنا أن نقول: من أجلك يا رسول الله ابتدعنا بدعة؟! وهل عندنا وجه نواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام؟!

    ولو انفتح باب الابتداع؛ لأصبحت نسبة الدين السليم الصحيح (1%) فكل عالم وكل مفكر وكل غني وكل ذي رغبة يبتدع، فأين الإسلام حينئذ، وبم يعبد الله؟! بم تزكى النفوس وتطهر من أجل النجاة من النار؟

    معاشر المستمعين والمستمعات! غداً المولد النبوي، فماذا نصنع؟ وكم شاة نذبح؟! أو نذبح الدجاج؟! وإذا ذبحنا فلمن نقدم هذا الطعام؟!

    وكم ركعة نصلي؟! ننشد قصائد ما هي؟ فما الذي نفعل؟!

    الجواب: والله ما عندنا شيء، ما علينا إلا أن نذكره صلى الله عليه وسلم في كل أوقاتنا.

    وعورة أخرى نزيح الستار عنها من باب التعليم..

    فالذكريات لا تكون إلا لأناس يموتون ولا يذكرون، ولهم فضائل ولهم كرامات، فلكي لا ينسوا من بين شعبهم أو أمتهم أو إخوانهم يقيمون له ذكرى سنوية! حتى يذكروه بخير، أما حبيبنا صلى الله عليه وسلم -نعوذ بالله أن ننساه سنة كاملة-، ونحن نسمع المؤذنون خمس مرات على المنارات: أشهد أن محمداً رسول الله، الإنس والجن والحيوان والكل يسمعون ويفهمون هذا.

    فلا نصلي ركعتين ولا العشرات من الركعات إلا ونسلم عليه وجهاً لوجه! بعدما نعظم الله بالتحيات اللائقة به، ونحن جالسون بين يديه تعالى نقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات، ثم نقول: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، فهل ننسى هذا الذي نسلم عليه في كل يوم عشرات المرات؛ لتقام له ذكرى؟!

    آه! ماذا فعل بنا الثالوث.. فبدعة الاحتفال بالمولد النبوي عرفت في القرن الرابع، فقد مضت ثلاثة قرون ذهبية ليس فيها شيء اسمه مولد، ولما هبطنا حيث أبعدونا عن القرآن والسنة أوجدنا ذكرى المولد ائتساء بذكرى النصارى لعيسى عليه السلام، فهل نقتدي باليهود والنصارى أم نقتدي برسول الله؟!

    فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم ذكرى لإبراهيم الخليل، ولا لإسماعيل، ولا لموسى الكليم، ولا لعيسى عليهم السلام.

    فما معنى ذكرى المولد؟!

    الجواب: إني أحمد الله على أن الله علمنا قبل أن نقع في هذه البدعة، وتركناها وابتعدنا عنها، فثلاثة أرباع الذين كانوا يساهمون في هذه البدعة قد انتهوا، وبقيت جماعات قليلة، نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم.

    فإن عدم الاحتفال بالمولد رسمياً أو غير رسمياً لن يضرنا في ديننا شيئاً، بل يرفعنا ويزيد في إيماننا -إن شاء الله-؛ لأننا تنزهنا عن البدع والضلالات.

    فما جعل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عيدين: عيد رمضان وعيد الأضحى، وعلمنا ماذا نقول، وماذا نفعل وكيف نصلي، ومن في نفسه شيء وما اطمأن يسأل أهل العلم، لكن لا يسأل الذين تعودوا على هذه البدعة، وأصبحوا يدعون إليها، ويحضون عليها! يسأل أهل العلم البصراء العارفين بالكتاب والسنة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088452064

    عدد مرات الحفظ

    776820364