إسلام ويب

تفسير سورة العنكبوت (14)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عذاب الله آت لا محالة، والقيامة لا ريب فيها، ولكن الناس أمام هذه الحقيقة على قسمين: قسم مكذب مرتاب، وقسم مصدق مشفق، أما الأولون فمصيرهم النار التي بها كانوا يستعجلون، وآما الآخرون فعباد الله المخلصون، الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فاستحقوا النجاة ودخول الجنات.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وما زلنا مع آيات سورة العنكبوت المكية المدنية، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    قال تعالى: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [العنكبوت:53-60].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ [العنكبوت:53]، من المخبر بهذا الخبر؟

    الله جل جلاله. من المخبَر به؟ رسوله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول الله تعالى لرسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ [العنكبوت:53].

    من هؤلاء الذين يطالبون بالعذاب؟ طغاة الكفر ورؤساء الضلالة، الذين قالوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال:32]

    مجموعة من طغاتهم يستعجلونك بالعذاب؛ وذلك لكفرهم وشركهم وعدم إيمانهم، وإلا كيف يطالبون بالعذاب؟

    المفروض يطالبون بالرحمة؛ لكن الغلظة والشدة والعناد والمكابرة وعتوهم وظلمهم حملهم على هذا.

    قال تعالى: وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ [العنكبوت:53]، والله العظيم، لكن تأخير العذاب لحكمة؛ ليؤمن من يؤمن وقد آمن أكثرهم.

    تأخير العذاب لحكمة، ولو استجاب لهم فمعناه أنهم استفزوا الله عز وجل

    ثالثاً: حلم الله ورحمته تتجليان في تأخير العذاب، ولهذا يؤجل الله العذاب ولا يعجله: وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى [العنكبوت:53]، في كتاب المقادير، في اللوح المحفوظ: أن فلان يموت بكذا والحادث كذا بتاريخ كذا لكان ممكناً ولكن كل شيء مدبر ومكتوب ومسجل، فلن يقع شيء إلا في موضعه وفي وقته، فلا قيمة لاستعجال العذاب والمطالبة به.

    وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ [العنكبوت:53] وعزة الله وجلاله بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [العنكبوت:53].

    وقد جاءهم عذاب قتلى بدر، سبعين صنديداً، عذاب الموت يشاهدونه.. عذاب الدار الآخرة، كل هذا حاصل وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً [العنكبوت:53]، أي: فجأة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [العنكبوت:53].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089181621

    عدد مرات الحفظ

    782508587