إسلام ويب

تفسير سورة النساء (3)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يوصي الله عز وجل عباده المؤمنين بالأيتام، بأن يرعوهم كما يرعون أبناءهم، وإن كان لهم مال أن يحفظوا لهم أموالهم، وألا يأكلوها إسرافاً وبداراً، وألا يضموها إلى أموالهم فتضيع، ومن كان في حجره يتيمة فلا يتزوجها إن خشي أن يظلمها، وليعدل عنها إلى غيرها من النساء فيتزوج مثنى وثلاث ورباع إن شاء.
    الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الأحد من يوم السبت والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، اللهم حقق رجاءنا إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!

    وها نحن مع فاتحة سورة النساء -بعد أن درسنا الفاتحة والبقرة وآل عمران بفضل الله الرحمن- وقد درسنا الآية الأولى منها، والآن أسمعكم تلاوتها، وأستعرض معكم هدايتها تذكيراً للناسين، وتعليماً لغير العالمين.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    هداية الآية

    قال: [ من هداية هذه الآية:

    أولاً: فضل هذه الآية؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب في حاجة تلا آية آل عمران] وهي[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]وتلا هذه الآية]: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ [النساء:1][ ثم آية الأحزاب يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ * وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]، ثم يقول: أما بعد. ويذكر حاجته.

    ثانياً: أهمية الأمر بتقوى الله تعالى؛ إذ كررت في آية واحدة مرتين، في أولها وفي آخرها.]

    أولها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، وآخرها: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ [النساء:1].

    أقول: (أهمية الأمر بتقوى الله تعالى إذ كررت) التقوى (في آية واحدة مرتين، في أولها وفي آخرها).

    [ ثالثاً: وجوب صلة الأرحام وحرمة قطعها ] لأن الله قال: وَالأَرْحَامَ [النساء:1] أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

    [ رابعاً: مراعاة الأخوة البشرية بين الناس واعتبارها في المعاملات ].

    يهودي.. نصراني.. بوذي.. مشرك.. مجوسي.. عربي.. عجمي.. غني.. فقير، لا بد من مراعاة البشرية، فلا ظلم ولا جور ولا غش ولا خداع ولا كذب، لا تقل: هذا يهودي أكذب عليه، والله ما يجوز، أو تقول: هذا صليبي أخدعه، أو هذا مجوسي أمكر به، هذا لا يجوز، من أين اهتدينا إلى هذه؟

    من قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ [النساء:1] أبيضكم وأسودكم، كافركم ومؤمنكم، خطاب عام لكل البشر، تذكرون هذه، أو تقول: لا بأس. هذا عدو أمكر به؟ فقط لا تحب غير المؤمنين، ولا يأكل طعامك غير المؤمن، أما أنك تؤذي المرء لكونه كافراً لا يصح أبداً، إلا في حال واحدة، وهي إعلان الحرب بيننا وبينهم، استبيحت الدماء فكيف بالأموال؟ أما في حال السلم وعدم الحرب والمعاهدات لا يحل لمؤمن أن يؤذي إنساناً من أي جنس كان، العدل هو المطلوب.

    إذاً: هذه الآية الكريمة أفادتنا ما علمتم، فضلها كذا؟ أهمية الأمر بتقوى الله.

    ثالثاً: وجوب صلة الأرحام وحرمة قطعها.

    رابعاً: مراعاة الأخوة الإنسانية أو البشرية، لا قبلية ولا عنصرية ولا وطنية ولا كفر ولا إيمان، لا يحل لإنسان أن يؤذي أخاه الإنسان بأي أذى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088538971

    عدد مرات الحفظ

    777205941