إسلام ويب

تفسير سورة النساء (85)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعث الله عز وجل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام، وأنزل عليه القرآن، وأمره بتبليغ دينه لكل من على وجه البسيطة من الإنس والجن، وأمر الناس من جانب آخر باتباع هذا النبي الخاتم، الذي ختمت برسالته الرسالات، وجاء الكتاب المنزل عليه مهيمناً على الكتاب كله، مبيناً لهم أن إيمانهم به هو خير لهم، ومن كفر منهم فإن الله غني عنه.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، فاللهم حقق رجاءنا، فإنك ولينا ولا لي لنا سواك.

    ومازلنا مع سورة النساء المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الأربع، ولكنا سندرس الآية الرابعة الأخيرة منها، وتلاوة هذه الآيات الأربع تذكيراً للناسين وتعليماً لغير العالمين بعد أعوذ بالله من الشيطان: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:167-170].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! علمنا -والحمد لله- أن الصد عن سبيل بعد الكفر صاحبه ضال ضلالة لا يهتدي بعده، فيا ويل من كفر وصد عن سبيل الله، وذلك لقول ربنا: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:167].

    ثانياً: أن الذي يكفر ويزيد فوق كفره ظلماً، أي: ظلم نفسه وظلم غيره، إذ الظلم يتناول أولاً ظلمه لنفسه ثم ظلمه لغيره، وقد يظلم ربه فيأخذ حق سيده ومولاه ويعطيه لعبيده ومخلوقاته، ألا وإن الشرك من أعظم أنواع الظلم، إذ هو اعتداء على حقوق الله عز وجل، فهذا الذي كفر وظلم يخبر تعالى عنه أنه لن يغفر له، ولن يهديه طريق السلامة والنجاة والسعادة، ولكن سيهديه طريق جهنم والخزي والعذاب الأبدي، وتأملوا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [النساء:168-169]، فما هو بالصعب أبداً ولا الشاق الممتنع، فالله أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن، فهو والله يكون، فلا يعجز أن يدخل البشرية كلها والجن كلهم والملائكة كلهم في عالم الشقاء، إذ إنه على كل شيء قدير.

    ومن أراد أن ينظر إلى قدرة الله فليرفع رأسه إلى الشمس، ويسأل علماء الفلك: من أوجد هذا الكوكب العظيم؟ بنو فلان؟! الدولة الفلانية؟! إن هذا الكوكب كتلة من النار، فمن أوجد هذه الكتلة من النار؟ ما مادتها؟ إن هذا الكوكب العظيم أكبر من كوكبنا الأرضي بمليون ونصف المليون مرة، فمن أوجده؟ من سخره وأداره في فلكه لحكمة أرادها؟ أبعد هذا تشك في قدرة الله تعالى يا ابن آدم؟! وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:284].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089312619

    عدد مرات الحفظ

    783559616