الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وها نحن مع سورة المائدة المباركة الميمونة، مع هاتين الآيتين.
اسمع هذا النداء نداء الله لهم، قال تعالى:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ 
[المائدة:15]، من هم؟ اليهود والنصارى؛ لأن اليهود أهل كتاب هو التوراة، والنصارى أهل كتاب هو الإنجيل، الأصل التوراة والأصل الإنجيل، لكن التوراة زيد فيها ونقص منها؛ لأن الله ما تولى حفظها كما تولى حفظ القرآن، والإنجيل أصبح خمسة وثلاثين إنجيلاً ثم اجتمعوا على أربعة أناجيل في آخر شيء، لكن في الحقيقة هم أهل كتاب، فالنداء حق: (يا أهل الكتاب)، وفيه معنى الذم، يذمهم، يلومهم، يعتب عليهم، أهل كتاب ويضلون! أهل كتاب ويكفرون! أهل كتاب ويفسقون! أهل كتاب ويعمون وهم أهل النور! ما يناديهم تشريفاً لهم، وإنما ليذمهم، ويذكرهم بهبوطهم وسقوطهم.