إسلام ويب

تفسير سورة الأعراف (13)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان والعمل الصالح يوجبان للعبد دخول جنة الرحمن، فطالما أن العبد آمن بربه وصدق رسوله، وعمل الأعمال الصالحة على قدر طاقته، وفي حدود استطاعته، فإن الله ينعم عليه بإدخاله الجنة دار الكرامة، والتي يجمع فيها كل عباده المؤمنين، وقد نزع كل ما في صدورهم من مظاهر الحسد والحقد، وأسكنهم القصور والدور التي تجري من تحتها الأنهار، فرحين بما آتاهم الله من فضله جزاء إيمانهم به، وتصديقهم برسله.

    تقرير القضايا العقدية الأربع في سورة الأعراف

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) .

    معاشر المستمعين والمستمعات! السورة ما زالت سورة الأعراف المكية المباركة الميمونة، وأذكركم بأنها تعالج أعظم عقائد المؤمنين: أولاً التوحيد، تقرر معنى أنه لا إله إلا الله بضرب الأمثلة وذكر الآيات وبيان المعارف حتى ما يبقى في قلب إنسان أن هناك من يعبد مع الله، فلا إله إلا الله.

    ثانياً: تقرير النبوة المحمدية وأنه حقاً رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأدلة والبراهين القطعية.

    ثالثاً: التشريع والتقنين في التحليل والتحريم مالكه الله، وليس من حق أي إنسان أن يحلل أو يحرم أو يأمر أو ينهى، ولكن الذي يأمر وينهى ويمنع ويجيز هو الله جل جلاله بوصفه المالك أولاً.

    ثانياً: بوصفه العليم بكل شيء.

    ثالثاً: أنه القدير على كل شيء.

    رابعاً: أنهه الرحيم الذي ما خلت رحمته من كائن ما كان.

    والعقيدة الرابعة عقيدة البعث الآخر الحياة الثانية، الإيمان باليوم الآخر والدار الآخرة، كل الصور المكية تعالج هذه وتقررها.

    والسورة كما علمتم مكية، ولنستمع إلى هاتين الآيتين يتلوهما أحد الأبناء مرتلاً مجوداً ونحن نتأمل، ثم نأخذ في شرحها وبيان ما تحمله من الهدى لنا ولكل مؤمن ومؤمنة في هذه الدنيا.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:42-43].

    جمع القرآن الكريم بين الترغيب والترهيب

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! القرآن الكريم وهو الكتاب الحكيم دائماً يذكر الشيء وضده، يذكر حال الظالمين والكافرين ثم يذكر حال المؤمنين والصالحين؛ لأنه كتاب ترغيب وترهيب، يرغب السامعين فيما عند الله فيعملوا لذلك، ويرهب أيضاً السامعين ليتجنبوا ما يسبب شقاءهم وخسرانهم في الدارين، الترغيب والترهيب، يذكر الشيء وما يقابله.

    وقد درسنا فيما مضى قول ربنا: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40] ومتى يقع هذا؟ متى يدخل البعير في عين الإبرة؟ مستحيل، إذاً: فهم كذلك مستحيل في حقهم أن يدخلوا الجنة: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:40-41].

    ذكر حال أهل الكفر والشرك والباطل والظلم والفساد، والآن قال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الأعراف:42]، أولئك كذبوا واستكبروا فلم يعملوا صالحاً فبين جزاءهم ومصيرهم، وعلى ضدهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

    معنى الإيمان والعمل الصالح

    تدرون ما الإيمان؟ وما هي الصالحات؟ الإيمان: هو تصديقك الجازم القاطع الخالي من الشك بل حتى من الوسواس، ذاك الإيمان حتى لكأنك ترى الله عز وجل، ذاك الإيمان هو أولاً بوجود الله تعالى خالق كل شيء ورب كل شيء ومالك كل شيء، ثم الإيمان بألوهيته وأنه الإله الحق وكل الآلهة دونه باطلة باطلة باطلة، وأعلن عن ذلك بأعلى صوتك: لا إله إلا الله وإن غضبت الدنيا كلها، إذ هذا هو الواقع، والله لا يوجد من يستحق العبادة إلا الله، إذ هو خلق الخلق كلهم من أجل أن يذكروه ويشكروه، من أجل أن يعبد، فكيف يخلق مخلوقاً ثم يعبد معه؟ ونعوذ بالله من الشرك وأهله.

    وأما الصالحات فجمع صالحة، وهي كل عقيدة أو نية في القلب تكون صالحة، أو كل كلمة تكون صالحة، أو كل حركة تفعلها تكون صالحة، ومتى تكون صالحة؟ إذا أمر الله بها ووعد بالخير عليها، وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم وبين كيف تقال وتعمل فتلك هي الصالحة، أما ما لم يشرعه الله في كتابه ولا على لسان رسوله فمستحيل أن يكون صالحاً.

    ثانياً: قد يشرعه الله ويبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكون صالحاً حتى تفعله كما بين الرسول، فإن زدت أو نقصت قدمت أو أخرت فلن يكون عملاً صالحاً؛ إذ لا يصلح نفسك ولا يزكيها، ولو أنك قمت تصلي وأخللت بصلاتك فماذا يقول الفقيه؟ يقول: صلاتك باطلة فأعدها، معناه: ما صلحت، ما تزكي النفس ولا تطهرها، فهذه المسألة تعدل الدنيا وما فيها.

    ما هي الصالحات؟ لن يستطيع كائن أن يشرع كلمة ثم يقول: من قالها سبعين مرة دخل الجنة، لن يستطيع كائن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرع لنا كلمة أو حركة ويقول: هذه من العمل الصالح فاعلها تزكو نفسه وتطيب. مستحيل؛ إذ الشرع من حق الله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ [الشورى:13] أما كائن غير الله فليس له أن يشرع، ومن هنا فـ( كل بدعة ضلالة )، هذه كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل بدعة ضلالة، لأنه يقول أو يعتقد أو يعمل مدة زمانه بذلك ولا حسنة واحدة، فهل ضل أم لا؟ ما اهتدى إلى ما يزكي نفسه ويطهرها.

    واذكروا الأمثلة التي يلهمنا الله بها، نقول: أوجد الله تعالى حسب سنته لتنظيف أجسامنا وثيابنا وتطهيرها، أوجد مادة الماء والصابون، فهل هناك غيرها؟ هل تستطيع أن تنظف ثيابك أو جسمك بالرمل؟ بالحمأة؟ بالتراب؟ لا، لأن الله ما أودع هذا التراب مادة تطهر الجسم.

    إذاً: آمنوا حق الإيمان الذي علمنا أن أركانه ستة وأنه قائم عليها، هذا الإيمان الذي تعبد الله به كأنك تراه، هذا الإيمان يضاف إليه العمل الصالح، فما هو العمل الصالح؟ هل يستطيع مفكر أن يشرع لنا عملاً ما من الأعمال يقول: هذا العمل من عمله زكت نفسه وطابت وطهرت؟ والله ما كان، فلو دعانا أحد إلى أن نطوف بقصر، بقبر، بأي مكان وقال: من طاف به سبعة أشواط فله من الأجر كذا وكذا أو تزكو نفسه، فهل هذا يصح؟ مستحيل، مستحيل أن تطوف بغير الكعبة وتزكو نفسك وتطيب وتطهر، لو أن شخصاً شرع لنا شبه الصلاة حالة من حالات الرياضة وقال: من فعل هذه تزكو نفسه وتطيب فهل يصدق في هذا ويقبل منه؟ مستحيل. فالتشريع حق الله، لماذا؟ لأنه المالك، الأمر أمره والعبيد عبيده والشقاء بيده والسعادة بيده، هو الذي يشرع ويحلل ويحرم من أجل إسعاد البشرية وإدخالها دار السلام.

    دلالة الفصل بقوله تعالى: (لا نكلف نفساً إلا وسعها)

    فقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الأعراف:42] ثم قال في جملة اعتراضية: لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأعراف:42]، هذه الجملة تعدل الدنيا بما فيها، تعدل كل الميزانيات المالية في الدنيا، لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأعراف:42] استعجل هذه الجملة وأتى بها هنا لأن نفوس المؤمنين والمؤمنات حين تسمع الصالحات تفهم أنها تعمل حتى تذوب، حتى تفنى، بحيث يقول أحدهم: أنا أصوم الدهر كله، وآخر يقول: أنا لا أنام أبداً حتى أموت، أعبد الله عز وجل، وآخر يقول: أنا لا أفارق الجهاد أبداً ولو ألف سنة، فقال تعالى: لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأعراف:42] ما المراد من الوسع؟ الطاقة. فالفنجان كم يحمل من الماء؟ يحمل على قدر سعته، والقربة تحمل ماء على قدر سعتها، والبركة تحمل على ماء قدر سعتها، أي: طاقتها وقدرتها، لا يكلف الله نفساً بأي عبادة من جهاد، رباط، ذكر، صلاة، صيام إلا في حدود ما تقدر عليه وتستطيعه، ومن هنا قال في الصوم: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، وفي الصلاة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، وفي الجهاد يقول تعالى: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ [النور:61]، هؤلاء ما يدعون للجهاد، مريض وأعرج وأعمى، وهكذا لا توجد عبادة شرعها الله عز وجل ولا يقدر عليها الإنسان، إذ قال تعالى: لا نكلف نفساً إلا طاقتها وقدرتها، لأنه قال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الأعراف:42] وما أكمل الآية بقوله: أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الأعراف:42]، لكن جاء بجملة: لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأعراف:42]، اعتراضية هذه الجملة؛ لأن نفوس المؤمنين تتطلع للصالحات هذه التي يرث بها صاحبها الجنة ويكون من أهلها، إذاً: يبذل كل ما يستطيع، فقال تعالى: لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأعراف:42].

    وهذا ملاحظ كما قلنا في الجهاد، في الرباط، في الصدقات، في الذكر، في الدعاء، في الطواف، في الصيام، في كل العبادات لا يكلفك الله إلا على حسب قدرتك، ما عجزت عنه فلا تكلف به.

    معنى قوله تعالى: (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)

    وهكذا يقول تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأعراف:42] ثم جاء الخبر: أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الأعراف:42] أصحابها: أهلها الذين لا يفارقونها، فهي تصحبهم وهم يصحبونها أبداً، إذا أصبح الشيء ملازماً للآخر يقال: صحبه وهو من أصحابه.

    وما الجنة هذه؟ هل عندكم في الدنيا بساتين ذات أشجار وظلال ومياه وثمار؟ هذه صورة مصغرة، هل عندكم في الدنيا نار تحرق الثياب والجسم إذا اشتعلت في حطب أو بنزين؟ هذه صورة مصغرة، حتى لا يقول إنسان: ما الجنة أو ما النار؟

    الجنة وصفها الرحمن بأن عرضها عرض السماوات والأرض، واقرءوا: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133] لو أخذنا السماوات سماء إلى سماء والأرضين السبع أرضاً إلى أرض ووضعناها رقعة كاملة فالجنة أوسع؛ لأن الأرضين والكواكب والسماوات كلها تذوب وإذا بك في عالم علوي أو في عالم -والعياذ بالله- سفلي.

    الجنة دار السلام، هكذا اسمها؛ إذ قال تعالى: لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الأنعام:127] لماذا قيل فيها: دار السلام؟ لأن أهلها سالمون من الكِبَر، سالمون من المرض، سالمون من الأتعاب الدنيوية، سالمون من كل أذى، لا يوجد في دار السلام أذى قط، لَهُمْ دَارُ السَّلامِ [الأنعام:127].

    الجنة دار الأبرار، من هم أهلها؟ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ [الانفطار:13]، فمن هم الأبرار؟ قولوا: نحن إن شاء الله. هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وابتعدوا عن الشرك والسيئات، هؤلاء هم الأبرار، بروا وصدقوا، أصحاب البر والخير.

    أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا [الأعراف:42] أي: في الجنة خَالِدُونَ [الأعراف:42] باقون أبداً، إذ -والله- لا موت ولا فناء ولا زوال، ومن دخل الجنة والله لن يخرج منها أبداً.

    رؤية رسول الله الجنة ليلة الإسراء والمعراج

    وهل هناك من ارتاد السماء وشاهد الجنة ومشى فيها؟ إي ورب الكعبة، لقد ارتادها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ من مكة إلى بيت المقدس ومن بيت المقدس عرج به -والله- إلى الجنة، بل ارتفع إلى مستوى سمع فيه صرير الأقلام، وكلمه الله كفاحاً ولكن لم يقو على رؤية الله لضعف بصره، وفرض عليه الصلوات الخمس، ومن شك في الإسراء فليقرأ: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]، ومن شك في العروج إلى السماء فليقرأ: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى [النجم:13-16]، ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته مرتين: مرة في مكة ومرة في الجنة: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم:13] أين؟ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ [النجم:14-16] من الجمال والكمال مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:16-17].

    إذاً: أول رائد عرفته البشرية للسماء ما هو شيطان روسيا لعنة الله عليه ولا الأمريكاني، والأمريكاني على كل حال أعلن عن أنها مؤامرة وكذب، قال: ما طلعنا الفضاء ولا رأيناه، كلها تمثيليات في الجبال، قالها منذ ثلاث سنوات أو أربع وسكتت الدنيا كلها، إلا أن الصين بما أنها كانت ضد الدولتين العظيمتين: الروس والأمريكان أيام إثارة الصعود إلى القمر، وجماعة العرب يصفقون كأنهم فرحوا بما يكذب الإسلام والمسلمين، حتى قالوا: من يحجز تذكرة إلى السماء؟ حينها كتبت مجلة صينية تصفحتها تقول: هذه مؤامرة بين الدولتين من أجل السيطرة على العالم، وكل الذي قالوه كذب وباطل، ما هي إلا تمثيليات تمت على الجبال فقط.

    والحمد لله فقد وقفنا موقفاً مشرفاً وقلنا: لن نكذبكم ولن نصدقكم، وإن قلتم: لم؟ قلنا: هل صدقتم رسول الله في الإسراء والمعراج؟ ما صدقتم، كفرتم به وكذبتموه.

    إذاً: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الأعراف:42].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088537986

    عدد مرات الحفظ

    777199900