إسلام ويب

تفسير سورة الأعراف (20)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد أن أهلك الله قوم نوح وأنجى نبيه ومن معه من المؤمنين في الفلك، خلفهم في الأرض قوم عاد الذين آتاهم الله بسطة في الأجسام، فعمروا الأرض أكثر مما عمرها غيرهم، ولكنهم ما لبثوا أن كفروا بالله العظيم، فبعث الله إليهم نبياً منهم هو هود عليه السلام، فلما عرض عليهم دعوة التوحيد اتهموه بأنه سفيه وأنه كاذب، وجرت فيهم سنة الله عز وجل في غيرهم من المكذبين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء- ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع سورة الأعراف المكية المباركة الميمونة، وهي كغيرها من السور المكية تعالج أعظم القضايا وأهمها وأجلها، إنها عقيدة التوحيد بألا يعبد إلا الله، تلك القاعدة التي قامت على مبدأ لا إله إلا الله.

    ثانياً: إثبات النبوة وتقريرها لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

    ثالثاً: مبدأ المعاد والحياة الثانية للجزاء على الكسب في هذه الدنيا، عقيدة البعث والنشور والحياة الآخرة.

    رابعاً: التشريع حق الله لا يشاركه فيه سواه، وعلة ذلك: أن الله هو الرب الخالق المدبر عالم الغيب والشهادة الذي يعطي ويمنع ويعز ويذل، هو الذي له أن يشرع الكلمة نقولها أو ينهانا عنها ويحرمها، أما غير الله فلا حق له في التشريع، والرسول نفسه يشرع بوحي الله وإذنه، فهذه القواعد الأربع تعالجها السور المكية.

    وها نحن الآن مع هذه الآيات في قصة هود عليه السلام، فلنستمع إليها مجودة مرتلة ثم نأخذ في شرحها وبيان مراد الله فيها.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ * أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأعراف:65-69].

    الخبر القرآني في قوة عاد وشدتهم

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا [الأعراف:65] ما المراد بعاد وما المراد بأخيهم هود؟

    عاد قبيلة من أشد القبائل وأقواها، وكانت ديارهم بالأحقاف، ما بين حضرموت وعمان إلى الشحر، هذه الأمة كانت من أقوى الأمم في الأرض ومن أشدها قوة، وشاهده قوله تعالى: وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً [الأعراف:69]، حتى إن الرجل منهم كان يزيد على الستين ذراعاً طولاً، في ثلاثين متراً وزيادة، ويشهد لهذا ويقرره قول الله تعالى -وقوله الحق- حكاية عنهم: وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت:15]، فتحداهم الله بقوته لما قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً [فصلت:15]، ما دمت قوياً فخالقك أقوى منك، فهذه الأمة طغت، ولنذكر قول الله تعالى أيضاً من سورة الفجر: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8]، فوالله! ما كان مثلها في الأرض، ومع هذا أين هم؟ واقرءوا: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ [فصلت:16]، سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ [الحاقة:7]، فلم يبق من تلك الأمة الكافرة أحد.

    نشأة الانحراف في عاد

    هذه الأمة نشأت عن تلك الجماعة المؤمنة التي نجت مع نوح في سفينته، إذ علمنا أن السفينة حوت نيفاً وثمانين إنساناً رجلاً وامرأة، وشاء الله أن ينتشر البشر في الأرض بتدبيره عز وجل، وعمروا تلك الديار، ولما مات العلماء أو ضعفوا انتشرت فيهم البدع والضلالات، وإلا أفليسوا من أولاد نوح وتلامذته وأحفاده؟ فبمرور الزمان حسن لهم الشيطان عبادة غير الله لا باسم عبادة شخصية منفردة ولكن بعنوان التوسل والاستشفاع، فأحيوا ما كان قد أهلك الله قوم نوح بسببه، قوم نوح أصروا على عبادة الآلهة وبخاصة يغوث ويعوق ونسراً، وهم -كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- كانوا عباداً صالحين، فلما ماتوا وضعوا على قبورهم تماثيل تمثلهم بدعوى التذكر للصلاح والصالحين، ومضى قرن أو قرنان أو ثلاثة فجاء جيل عبدوهم مع الله، ودمر الله عز وجل تلك الفئة الكافرة وأنشأ أمة أخرى مؤمنة، ومضت القرون وإذا بهم يعودون إلى عبادة الأوثان؛ لأن المزين لذلك والمحسن له هو عدونا إبليس، ولا تعجبش؛ فوالله لو فتحت عينيك على ما كان عليه المسلمون في القرن الثاني عشر الهجري والحادي عشر والعاشر والتاسع والثامن لتعجبت، أين لا إله إلا الله؟ عبد غير الله حتى في هذه المدينة، عبد الأولياء والصالحون والقباب والأشجار وأصبح العبد لا يقول: لا إله إلا الله وهو فاهم لها معنى، وإن شئتم حلفت لكم بالله، حتى لا تعجبوا كيف تحول أحفاد نوح إلى أن أصبحوا وثنيين يعبدون مع الله غيره، ففي أمة القرآن والقرآن يتلى ينادون: يا سيدي عبد القادر ، يا مولاي إدريس ، يا سيدي فلان، يا فاطمة ، يا حسين ، والذبائح والنذر والرقص والصياح والضجيج حول الأضرحة في الشرق والغرب، فلا إله إلا الله! ما عرفوا الله، يفعلون ذلك تحت عنوان: الاستشفاع والتوسل والاستغاثة بأولياء الله، يقولون: نحن ما عندنا حق أن نقابل الله ونقول: أعطنا، فنتوسل إليه بأوليائه وصالح عباده، فانتشرت الوثنية بمعناها الكامل، وما زالت بقاياها، ولكن الله عز وجل أزالها بهذه الأسباب، منها: دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، واحتضنتها أسرة آل سعود، وانتشرت الدعوة بوسائل، منها: الاتصالات التي تمت في هذا القرن، فيما مضى كان لا يحج من القرية إلا رجل بعد عشرين سنة، والآن الناس يحجون نساء ورجالاً بالملايين، والصحف التي ما كانت تعرف أصبحت في يد كل إنسان، والمجلات، والتآليف والكتب، فانتشرت دعوة الله، وإلا فهناك وثنية سادت العالم الإسلامي في القرون من الثامن إلى الثالث عشر، فلا تعجبوا أبداً، ولنستمع إلى ما قص الله علينا.

    المراد بأخوة هود لعاد الكافرين

    وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا [الأعراف:65] أي: وأرسلنا إلى عاد، أي: قوم عاد أَخَاهُمْ هُودًا [الأعراف:65]، والأخوة هذه وطنية أو قبلية أو إنسانية، ليست بأخوة إيمانية؛ لأنه مؤمن وهم كفرة مشركون، فلهذا يجوز أن تقول: أخونا البريطاني فلان أو أخونا الأمريكاني فلان، أخوة إنسانية، أليس هو بإنسان؟ أليست أمنا واحدة وأبونا واحداً؟ لكن لا تقلها تودداً إليه وتقرباً وتحبباً، لكن كلمة (إخواننا) أو (أخونا) ما في ذلك شك.

    وهذه الآية دليل واضح: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا [الأعراف:65]، أخوهم ابن أمهم وأبيهم ليس أخوهم في الدين، هم مشركون وهو رسول الله.

    ابتداء هود بالدعوة إلى التوحيد

    إذاً: أرسله الله تعالى، فبم بدأ دعوته؟ قال: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:65]، هذا أول ما أرسل به وواجه قومه به، من أرسله؟ ربه تعالى ورب العالمين، أرسله إلى هذه القبيلة العاتية الطاغية الجبارة، قبيلة عاد، فماذا قال لهم؟ يَا قَوْمِ [الأعراف:65]، وفي هذا استعطاف واسترحام؛ لأنه ضمهم إليه وقال: أنتم قومي وأنا أحد أفرادكم، وهذا يحسن بالدعاة.

    يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ [الأعراف:65] ما معنى: (اعبدوا)؟ ذلوا له وانقادوا وأطيعوا وادعوه ولا تدعوا معه سواه، والعبادة: الطاعة في ذلة وانكسار ورهبة وخوف وطمع ورجاء وحب.

    اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:65] لا يوجد لكم إله غير الله، وهو -والله- كذلك، هل هناك من شارك الله في خلقهم؟ هل هناك من شارك الله في خلق الأرض وفي خلق السماء وما فيهما من منافع لهم؟ من شارك الله في هذا الوجود؟ لا أحد، فكيف إذاً يوجد إله معه؟ والله! لا يوجد.

    امتناع نقض كلمة التوحيد

    أصدق كلمة تسمعها: لا إله إلا الله، وكثيراً ما نقول: من يريد أن ينقض هذه الجملة؟ لو تجتمع البشرية كلها على نقض هذه الجملة فوالله لا ينقضونها، لا إله إلا الله، هذه قضية مسلمة، فمن يستطيع نقضها؟ لأن الناقض يقول: بلى هناك آلهة أخرى غير الله، عيسى ومريم وفلان وفلان، فنقول: ما الدليل على أن عيسى إله مع الله، أو مريم، أو موسى، أو عبد القادر ؟ هل خلقوا.. رزقوا.. أماتوا.. أحيوا.. أعطوا.. أمنوا؟ وأين هم؟ هل الإله يفنى ويموت؟ فبطل أن يكون هناك إله مع الله.

    أو يقول: لا إله، فنقول: هل أنت موجود أو غير موجود؟ فإن قال: موجود قلنا: من أوجدك؟ فإن قال: هاه هاه لا أدري، قلنا: أنت موجود، والذي أوجدك هو الله الذي لا إله غيره، عرفت هذا أو تنكرت له.

    والشاهد عندنا: أن هذه الجملة -لا إله إلا الله- والله! ما ينقضها العقلاء بحال من الأحوال، ما تنقض؛ لأنها تنقض إما بالعدم، أي: لا وجود لله، وهذه خرافة وضلال وعمى، فانظر إلى الشمس فقط من كوكبها وأضاء نورها؟ كيف تنفي وجود الله؟ أنت موجود، فمن أوجدك وأمك وأباك؟ أو تنقض بتعدد الآلهة وهي ضلالة أكثر من الأولى، فأين الآلهة الذين مع الله؟ فعيسى رفع وكان غير موجود، وأمه ماتت، فكيف بغير ذلك من الأصنام والتماثيل؟

    فهي قضية لا تنقض بحال من الأحول، قلها وارفع رأسك وصوتك: لا إله إلا الله، من أراد أن يثبت إلهية لأي كائن فليتفضل؛ لأنه لا يكون إلهاً إلا إذا كان خلق ورزق ودبر الحياة وأوجد الكون بكامله، وهل هذا الوصف يوجد في كائن من الكائنات؟

    فلم يبق إلا أن نقول: لا إله إلا الله، وهذا الجملة قالها نوح لقومه وأعادها هود.

    حث هود قومه على التقوى

    اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ [الأعراف:65] سخطه وعذابه وعقابه، وأنتم أحفاد الذين غرقوا بالأمس وتحولت الكرة الأرضية إلى بحر ومياه، كيف تنسون هذا؟

    أَفَلا تَتَّقُونَ [الأعراف:65]، ماذا يتقون؟ عذاب الله ونقمه وسخطه في الدنيا قبل الآخرة؛ لأنكم مصرون على عبادة غيره، أَفَلا تَتَّقُونَ [الأعراف:65]، يوبخهم ويقرعهم، هذه كلمته هنا ومثلها كلمات في سور أخرى؛ لأنه عاش معهم دهراً، فتذكر القصص موزعة في القرآن؛ حتى تشمل أكثر ما حدث، ففي سورة هود: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ * قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ [هود:50-54]، قالوا: بعض الآلهة غضب؛ لأنك آذيتها ونددت بها وحولت الناس عنها، غضب أحد الآلهة وأصابك في عقلك. إلى هذا الحد! إِنْ نَقُولُ [هود:54]، ما نقول فيك إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ... [هود:54-56]، الآيات.

    وهنا قال لهم: أَفَلا تَتَّقُونَ [الأعراف:65] عذاب الله وسخطه في الدنيا والآخرة؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464781

    عدد مرات الحفظ

    776886525