إسلام ويب

تفسير سورة الروم (14)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • احتوى القرآن على كل مثل، واشتمل على الإعجاز البلاغي واللغوي والغيبي وغيرها، كل ذلك من أجل أن يتذكر الناس فيؤمنوا، ويعودوا إلى خالقهم، لكن الجهل والعناد والأهواء كانت حواجز متينة وضعها الكفار أمام أنوار الهداية، فطبع الله على تلك القلوب الميتة، وأمر رسوله والمؤمنين بالصبر حتى يأتي أمره.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات من سورة الروم ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    قال تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ * كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [الروم:58-60].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الروم:58] أي: والله، لقد ضربنا.. إلخ.

    صدق الله العظيم، ومن تصفح كتاب الله القرآن العظيم وقف على تلك الأمثال التي ضربت من أجل أن يكون لا معبود بحق إلا الله!

    الأمثال التي ضربت لأن يؤمن بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله الحق والصدق!

    الأمثال المضروبة للحياة الثانية والدار الآخرة!

    الأمثال المضروبة لبيان علم الله وقدرته وحكمته ورحمته!

    أمثال وصور عجيبة، ولكن المعرضون لا يستفيدون منها، ولا ينتفعون بها.

    قال تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ [الروم:58] أبيضهم وأسودهم، أولهم وآخرهم، وبخاصة الذين نزل القرآن بينهم في مكة وحواليها.

    مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الروم:58]. المثل: الصورة الموضحة والمبينة للحقيقة. والجمع: أمثال.

    وهذه الأمثال في التوحيد! في إثبات النبوة المحمدية! في إثبات كمال الله وجماله، وجلاله، وعظمته في أن الدين الإسلامي حق، في أن البعث حق، في أن الجزاء يكون على الكسب في هذه الدنيا، في كثير من سور القرآن، ولكن من آمن بالقرآن وقرأه وتتبع ما فيه اهتدى، ومن كفر به أو أعرض عنه أو لم يعن به لن ينتفع بذلك، ويبقى على ضلاله، أما الله فقد أدى ما ينبغي للناس بضرب هذه الأمثلة.

    وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ [الروم:58] العظيم مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الروم:58] ثم قال لرسوله صلى الله عليه وسلم وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ [الروم:58] يا رسولنا بِآيَةٍ [الروم:58] أي: علامة على وجودنا، وقدرتنا وعظيم سلطاننا، وعلى صدقك في نبوتك، وعلى أنك رسول الله، وعلى أن الدار الآخرة حق، وعلى أن الجزاء فيه حق.

    هذه الآية لو جئتهم بها كعصا موسى أو أعظم من ذلك وهم كافرون لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ [الروم:58] أيها المؤمنون المتبعون لمحمد فيما يقول ويزعم إِلَّا مُبْطِلُونَ [الروم:58] أي: تعملون بالباطل، وتعيشون على الباطل، وقد قالوا هذا لما شاهدوا انفلاق القمر على جبل أبي قبيس، فآمنوا، بل قالوا: سحر. وكذبوا.

    وإلى الآن هذا شأن البشرية، لو يظهر الله آيات ومعجزات لا يؤمنون بها؛ لأن الكون كله آيات ومعجزات.

    من خلق هذا الكون؟ من دبره؟ من قدره؟ من؟ لا يسألون عن هذا أبداً؛ حتى لا يعبدوا الله، فلا أقل ولا أكثر!

    حتى لا ينهجوا منهج الحق، ويستقيموا على دين الحق، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088541590

    عدد مرات الحفظ

    777221508