إسلام ويب

تفسير سورة مريم (12)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أنكر بعض المشركين البعث بعد الموت، وكان في يده عظم قد بلي ففته بين أصابعه، فأنزل الله عز وجل هذه الآيات مخبراً عباده أن الله عز وجل الذي خلق الإنسان أول مرة ولم يك شيئاً قادر على أن يعيد إخراجه بعد أن يكون عظاماً بالية، ثم يحشر المكذبين منهم والعتاة المجرمين مع الشياطين إلى جهنم، وينصب عز وجل الصراط على متنها، فأما المتقون فيجوزونها بفضل الله ورحمته، وأما المجرمون فلا يستطيعون، وفي جهنم يتساقطون، وبئس مقام الظالمين.
    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس -إن شاء الله- كتاب الله؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    ها نحن مع سورة مريم عليها السلام، وها نحن مع هذه الآيات نسمع تلاوتها مجودة مرتلة، ثم نتدارسها إن شاء الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا * أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا * فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [مريم:66-72].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! يخبر تعالى فيقول: وَيَقُولُ الإِنسَانُ [مريم:66]، وهذا الإنسان هو الكافر، المكذب بتوحيد الله ونبوة رسول الله، والمكذب بالبعث الآخر وما يتم فيه.

    سبب نزول قوله تعالى: (ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حياً)

    ورد أن أبي بن خلف كان قريباً من الصفا، فأخذ عظاماً ففتتها بيديه وقال: يزعم محمد أن هذا يحيا، فسواء كان أبي أو كان الوليد بن المغيرة أو كان العاص بن وائل ، فهذه عامة في كل الكافرين المكذبين بالبعث والدار الآخرة، وإلى اليوم وملايين من البشر في الصين واليابان، وفي أمريكا، في الشرق والغرب لا يؤمنون بالبعث الآخر والحياة الآتية، ومن ثم والله لا خير فيهم، فهم أموات وليسوا بأحياء.

    يقول تعالى مخبراً عما يقول هذا الملحد الكافر: وَيَقُولُ الإِنسَانُ [مريم:66]، أي: مستهزئاً ساخراً، منكراً، أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا [مريم:66]، وهكذا المكذبون بيوم القيامة المنكرون للبعث، فهذه لسان حالهم ومقالهم، فيقولون: بعدما نموت ونفنى ونصبح عظاماً هل سنحيا من جديد؟ ويقولون هذا إلا من أجل أن يستمروا على الكفر والخبث والشر والفساد، أما كون عقولهم ما أدركت هذا وما طاقته فهذا لا يقال أبداً، فالذي أوجدك اليوم سيوجدك غداً، بل وجود غداً أسهل من وجود اليوم؛ لأنك وجدت وعرفت وعلمت.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088524286

    عدد مرات الحفظ

    777122762