إسلام ويب

تفسير سورة مريم (15)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من أعظم الكذب على الله عز وجل نسبة الولد والشريك إليه، وهذا قول شنيع تكاد السماوات أن تتفطر منه، وتنشق الأرض، وتنهد الجبال، فالله عز وجل منزه عن مشابهة المخلوقين، إذ كيف يشبههم وهو خالقهم، فهو سبحانه خالق الخلق أجمعين، ومحصي أعدادهم وجامعهم إليه يوم القيامة، فيجزي المؤمنين بإيمانهم، ويعاقب العاصين على عصيانهم.
    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس -إن شاء الله- كتاب الله؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع خاتمة سورة مريم المكية عليها السلام، وها نحن مع هذه الآيات نسمع تلاوتها مجودة مرتلة، ثم نتدارسها إن شاء الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا [مريم:88-98].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا [مريم:88] القائل طوائف من العرب، قالوا: الملائكة بنات الله، وهم بنو لحيان يعتقدون جيلاً عن جيل أن الملائكة بنات الله، اليهود قالوا: عزير ابن الله إلى الآن، والنصارى قالوا: المسيح عيسى ابن الله، وهذا كذب وافتراء وظلم ما يقادر قدره أبداً، فالله خالق كل شيء، وبيده ملكوت كل شيء، وهو الذي يحيي ويميت، فكيف ينسبون إليه البنت والولد؟!

    إذاً: قال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا [مريم:88] أي: هم بنو لحيان من العرب، واليهود والنصارى.

    وقال تعالى: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا [مريم:89] أي: قل لهم يا رسولنا: لقد جئتم بأمر منكر عظيم لا يطاق، ولا يقبله ذو عقل ولا تستريح له نفس مؤمنة، فكيف ينسبون لله الولد وهو خالق النساء والرجال وخالق كل شيء؟!

    شَيْئًا إِدًّا [مريم:89] أي: منكراً فظيعاً عظيماً، وهذا المنكر العظيم كي نعرف حقيقته: تكاد السبع السماوات تتفطر من هذا الافتراء وهذا الكذب، فتكاد تتمزق وتتناثر من سماع هذا القول، وتنشق الأرض وتنهد الجبال من أجل هذا الكفر العظيم، كذب محض وبهتان عظيم.

    قل لهم يا رسولنا: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا [مريم:89] أي: منكراً فظيعاً عظيماً.

    تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ [مريم:90] أي: يتشققن، وَتَنشَقُّ الأَرْضُ [مريم:90] أيضاً، وتسقط الجبال هداً من أجل هذه الكلمة، وهاهم يتبجحون بها اليوم من أمريكا إلى اليابان فيقولون: عيسى ابن الله -لعنة الله عليهم-.

    تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ [مريم:90] من هذا الكذب والمنكر الباطل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088560403

    عدد مرات الحفظ

    777335847