الآن مع [ هداية الآيات ] وقبل أن نقرأها يقول أحد الصالحين: النساء يشتكين من عدم سماع هذا الدرس؛ لأن الصوت لا يصل إليهن، ونحن نشكو إلى المسئولين، ونقول للمسئولين في المسجد النبوي: أرجعوا للنساء أصوات المدرسين؛ فإن هذا واجبكم، فيجب أن تقوموا به.
قال: [ من هداية الآيات ] أي: ما تهدي إليه الآيات التي سمعناها:
[ أولاً: تقرير التوحيد والنبوة، والبعث والجزاء ] وهذه هي أركان الإيمان العظمى، وهي التوحيد، أي: لا إله إلا الله، والنبوة، أي: محمد رسول الله، والبعث الآخر والجزاء يوم القيامة. والسور المكية هذه الثلاثة مهمتها، وهي: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، والبعث الحق. ومعنى هذا: أنه يجب أن نعبد الله وحده من طريق رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن نعمل الصالحات، ونبتعد عن المفسدات؛ لأجل دخول الجنة والبعد عن النار.
[ ثانياً: من عبد من دون الله بأمره أو برضاه سيكون ومن عَبَده وقوداً لجهنم، ومن لم يأمر ولم يرض فلا يدخل النار مع من عبده، بل العابد له وحده في النار ] فمن هداية الآيات: أن من عبد مع الله من دون الله وهو غير راضٍ بتلك العبادة وعبد الله وحده كعيسى لم تضره تلك العبادة، ومن عبد وهو راضٍ بأن يعبد مع الله ولو بالدعاء ولو بالنذر ولو بذبح شاة ولو بالركوع والسجود فهو من أهل النار، وهو في جهنم.
[ ثالثاً: بيان عظمة الله وقدرته؛ إذ يطوي السماء بيمينه ] كصفحة أو كورقة [ والأرض في قبضته يوم القيامة ] والأرض تتبدل غير الأرض والسماوات. فليس هناك عظمة أكثر من هذه العظمة. وهذا هو الجبار، فهو خالق الليل والنهار، وهو الواحد القهار، والذي يجب أن نذل له وننكسر بين يديه، والذي يجيب أن يعبد. ويا ويل المشركين والكافرين!
قال المؤلف غفر الله لنا وله ولوالدينا أجمعين في النهر: [ السجل: الكاتب يكتب الصحيفة، ثم يطويها عند انتهاء كتابتها ]. وقال: [ هذا المعنى أوضح مما في التفسير ].
[ رابعاً: بعث الناس حفاة عراة غرلاً، لم ينزع منهم شيء، ولا غلفة الذكر إنجاز الله وعده في قوله:
كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
[الأعراف:29]. فسبحان الواحد القهار العزيز الجبار ] فقد قررت هذه الآية والآيات أيضاً في غير هذه السورة: أن الله يعيدنا كما بدأنا، فتكون أنت كما أنت، بحيث لا ينقص منك شيء، ولا يزيد فيك شيء، وكأنما ولدنا في تلك الساعة. وهذا مظهر من مظاهر قدرة الله، وعظمته وعلمه، فهذه المخلوقات التي تعد بالبليارات كلها يخلقها في ساعة واحدة بكلمة كونوا، فيكونوا كما خلقهم من قبل. ولهذا يجب أن نحب الله، وأن نذل له، وأن ونعبده، وأن نتقرب إليه، ونتملقه ونتزلفه بذكره وعبادته.
اللهم اجعلنا من صالح عبادك وأوليائك، وأكرمنا برضاك يا رب العاملين! وأختم لنا بخاتمة الشهادة يا حي! يا قيوم!