إسلام ويب

تفسير سورة الأنبياء (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كأن المشركين قالوا شامتين: محمد سيموت، فأخبر تعالى أنه لم يجعل لبشر من قبل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولا من بعده الخلد، بل كل نفس حية ستذوق الموت الذي كتبه الله على خلقه، ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك من يشمتون به من المشركين غير مخلدين، كما أن هؤلاء المشركين حين ينتقدون على النبي عيبه لآلهتهم وتنقصه لها يتناسون ويتغافلون عما يفعلونه هم من الكفر بالله والإعراض عن دينه.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قال ربنا عز وجل: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء:34]. هنا يخاطب الله تعالى ويتحدث مع رسوله صلى الله عليه وسلم، إذاً: فمحمد والله لرسول الله، والله يكلمه ويوحي إليه، وأنتم تكذبون برسالته وتنفون نبوته، وهذا الله يخاطبه في كتابه القرآن العظيم، ويقول له: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ [الأنبياء:34]، أي: لإنسان ذكراً أو أنثى .. غنياً أو فقيراً مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء:34]. والخلد: البقاء الدائم الذي لا يطرأ عليه الفناء والموت. وقال تعالى هذا لأن المشركين في أنديتهم ومجتمعاتهم كان يقول قائلهم: اصبروا على هذا الرجل، فما هو إلا كشاعر من الشعراء، وسوف يموت كما ماتوا، ولا تتراجعوا أبداً عن دينكم وملتكم، واثبتوا، فالرجل سوف يموت، فكم من شعراء ماتوا. وكانوا يقولون هذه الكلمات فيما بينهم، فعلمها الله عز وجل، وأخبر رسوله بها، فقال له تعالى: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء:34] حتى تخلد أنت، وهم يموتون ولا يخلدون. أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]؟ ولو كانوا عقلاء أو بصراء لما انتظروا موت الرسول، بل لانتظروا موتهم، فهم سيموتون. فهذه النظرية فاسدة وباطلة، ولا قيمة لها.

    بل أولاً: الرسول سيموت كما ما من قبله، فليس هناك من يخلد.

    وثانياً: أنتم يا من تتمنون موت الرسول ستموتون. وقد قرر تعالى هذه الحقيقة فقال: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الأنبياء:35]. فكل نفس منفوسة إنسان أو حيوان أو جان لابد وأن تذوق مرارة الموت، ولابد أن تتمتع بغصصه في حلقومها. فبلغهم هذا، فلست أنت وحدك ستموت، ولا هم فقط، بل كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الأنبياء:35]. فالموت يذاق مرارته وآلامه وغصصه التي تحصل للإنسان، وستذوقه كل نفس من إنس أو جان أو حيوان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511103

    عدد مرات الحفظ

    777037454