قال: [ هداية الآيات:
من هدايات الآيات:
أولاً: إبطال ما شاع من أن الخضر حي مخلد لا يموت؛ لنفيه تعالى ذلك عن كل البشر ] وقد أخذنا هذه الهداية من قوله تعالى:
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
[الأنبياء:35]. وفي قوله تعالى:
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ
[الأنبياء:34] دليل قاطع على أن الخضر عليه السلام مات، وقد توفاه الله. والخضر صاحب موسى، وقد استفاد منه موسى. فالخضر قد مات.
وقد وجدت طوائف من المسلمين وهم غلاة المتصوفة يزعمون إلى الآن أن الخضر موجود، وأنه لم يمت.
ونحن ببسيط كلامنا نقول: لم ما جاء وبايع الرسول وقاتل معه؟ فالرسول لما كان محاصراً في مكة وفي الغار لم يأته الخضر. وهم قصدهم من هذا أن يدعوا دعاوى يأكلون بها أموال الناس، ويضلون الجهال، ويركبون على ظهورهم، حتى إن أحدهم قال: هذه الحناء التي في يدي حنانيها الخضر، وأرى أصحابه حناء في يده.
فالشاهد عندنا: هو قوله تعالى:
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ
[الأنبياء:34]. فهو يقرر أنه لا يوجد إنسان يخلد أبداً، بل كل من وجد يموت من آدم إلى يوم القيامة.
والبرهان الذي قلته لكم لا تنسوه، وهو: أنه والله لو كان الخضر حياً لكان صحب رسول الله وعاش معه، وقاتل إلى جنبه، ودعا بدعوته، ولم يختف. وهذه وحده يقضي على هذه النظرية الباطلة.
وقد يقول قائل: إنهم يحتجون بعيسى، ويقولون: إن الله رفعه إليه وعمره ثلاث وثلاثون سنة، ولم يبلغ الكهولة، بل كان ما زال شاباً في عمر ثلاثة وثلاثين سنة، فرفعه الله تعالى إلى الملكوت الأعلى، وهو والله لفي الملكوت الأعلى في دار السلام، وعما قريب ينزله تعالى من الملكوت الأعلى، ولا عجب، فقد رفع الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى وإلى جنة المأوى، ثم أنزله إلى مكة.
وقد أبقى الله عيسى فقط هذه المدة طويلة التي بعد بالقرون لحكم يعلمها الله، ثم ينزله على منارة دمشق، ويا ويل الصليبين والكافرين والمشركين!
[ ثانياً: بيان العلة من وجود خير وشر في هذه الحياة الدنيا، وهي الاختبار ] فالعلة من وجود الصحة والمرض، والفقر والغنى، والعز والذل، وغير هذا هي الاختبار والامتحان، فمن صبر نجا
ومن ضجر وجزع فله الهلاك.
[ ثالثاً: بيان ما كان عليه المشركون من الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم ] فقد استهزئوا وسخروا به كثيراً. ولا نذكر تلك الألفاظ التي قالوها.
[ رابعاً ] وأخيراً: [ تقرير حقيقة أن الإنسان مطبوع على العجلة، فلذا من غير طبعه بالتربية فأصبح ذا أناة وتؤدة كان من أكمل الناس وأشرافهم ].
معاشر المستمعين! ما دمنا علمنا أن الإنسان خلق عجولاً وخلق ضعيفاً فينبغي أن نعمل على تربية أنفسنا، ونتعلم الأناة والصبر وعدم العجلة؛ لنفوز بهذه الفضيلة، ولا نصبح مثل الناس الذين ما تربوا في حجور الصالحين.