إسلام ويب

تفسير سورة الفرقان (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يوم القيامة تشقق السماء بالغمام وتنزل الملائكة مع الرحمن، عندها يشعر الكافرون بعسر الموقف وصعوبة الحال، ويعض الظالم على يديه حسرة وندامة؛ لأنه في حياته الدنيا أعرض عن دين الله ولم يسلك سبيل رسول الله، وإنما اتبع سبيل أخلائه من أهل الدنيا، ممن كذبوا الرسول وأوغلوا في العصيان، وتنكبوا طريق الرحمن.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    ها نحن مع سورة الفرقان فهيا بنا نصغي لتلاوة هذه الآيات المباركة، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس.

    قال تعالى: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا * وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا [الفرقان:25-29].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ [الفرقان:25] وقرئ (ويوم تشّقق) وقرئ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ [الفرقان:25]. متى هذا؟

    اعلموا أن هناك نفخة في الصور هي النفخة الأولى.. نفخة الفناء؛ فيتحلل العالم ويتبخر ويصبح دخاناً السماء كالأرض، ويفنى كل شيء.

    والنفخة الثانية هي نفخة البعث، بعدما تتخلق الأجسام في الأرض، بعد أن توجد أرض غير الأرض الأولى وفيها تلك العظام الرقيقة التي ينبت منها الإنسان، لما يتم الخلق ينفخ إسرافيل نفخة البعث فإذا الناس كلهم قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68].

    ثم ينفخ إسرافيل نفخة ثالثة تسمى نفخة الصعق، فيصعق كل من في السماوات والأرض إلا ما شاء الله.

    ويدل على هذا ويقيده: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فقال: ( فأكون أول من يفيق ) فالصعقة هذه صعقة استفاقة ( وإذا بأخي موسى آخذ بقائمة العرش، لا أدري أأفاق قبلي أم لم يصعق ) جازاه بصعقة الطور التي حصلت له في الدنيا.

    وهذه الصعقة كالتمرين.. كل الخليقة واقفة يصعقون، ثم نفخة أخرى فإذا هم قيام ينظرون، قال تعالى: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الزمر:69].

    قوله تعالى: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ [الفرقان:25] هذه النفخة الرابعة بِالْغَمَامِ [الفرقان:25] الغمام معروف كالضباب، وتنزل الملائكة تتنزل تنزيلاً مع الرحمن عز وجل.

    حينئذ لمن الملك؟ لله، ما بقي ملك ولا سلطان، ولا ذو مال ولا ولا ولا.. فالملك الحق يومئذ للرحمن، لا يملك أحد شيئاً إلا الله فله ملك كل شيء، الملك الحق يومئذ للرحمن لا يملك أحد شيئاً إلا الله، وهو الذي يحاسب عباده، ثم يجزيهم بحسب كسبهم في الدنيا وعملهم فيها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088540631

    عدد مرات الحفظ

    777218675