إسلام ويب

تفسير سورة الفرقان (8)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أرسل الله الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم إلى أقوامهم، وأنزل عليهم الكتب ليدعوا الناس إلى عبادة الله وحده، فما آمن معهم إلا قليل، وأبى أكثر الناس إلا كفوراً، فحقت عليهم كلمة العذاب فأخذهم الله أخذاً وبيلاً، فأغرق سبحانه فرعون وجنوده في اليم، وأهلك قوم نوح بالطوفان الأعم، وأهلك عاداً وثمود وأصحاب الرس بأنواع من العذاب والألم، وأمطر المؤتفكات بالحجر الأصم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع سورة الفرقان فهيا بنا نصغي لتلاوة هذه الآيات المباركة، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس.

    قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا * فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا * وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا * وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا * وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا * وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا [الفرقان:35-40].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ [الفرقان:35] يخبر تعالى بأنه أعطى موسى بن عمران رسول بني إسرائيل أعطاه الكتاب الذي هو التوراة، إذ أنزل عليه التوراة، ويقول: وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا [الفرقان:35] إذ موسى عليه السلام لما أمر بالذهاب إلى فرعون وملئه لدعوتهم إلى الله؛ ليؤمنوا ويسلموا قال موسى لربه: وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا [طه:29-35] فاستجاب الله تعالى له ونبأ هارون وأرسله فهو نبي ورسول، وبعثه مع أخيه إلى ديار مصر؛ لدعوة فرعون -أولاً- إلى أن يعبد الله تعالى وحده -ثانياً- وأن يرسل بني إسرائيل إلى أرض القدس. هذه مهمة موسى وأخيه هارون عليهما السلام.

    فهذا خبر من الله تعالى يقول: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا [الفرقان:35] فلم أنتم أيها العرب! أيها المشركون! في مكة وخارجها تنكرون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال الكتاب عليه الذي هو القرآن؟!

    لقد سبق أن أرسل الله موسى وأنزل عليه كتابه، فما هو العجب الذي حملكم على أن تكذبوا برسولنا وكتابنا ولقائنا؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088549108

    عدد مرات الحفظ

    777268010