[النازعات:17] وهذا فيه إيجاز كبير، فالقصة لا تبدأ من هنا.
على كل حال! أنتم في مسجد رسول الله، تتعلمون السياسة والآداب الشرعية، هذا كتاب الله نور الأنوار، ما هلكت أمة الإسلام إلا بعد أن أعرضت عنه وحولته إلى الموتى وهي تعيش في ظلام، متى تحيا؟ يوم أن تعود إلى القرآن.
كيف تعود إلى القرآن يا شيخ؟! تعطل الحياة؟ الناس طاروا في السماء، صنعوا الهيدروجين والذرة و.. و.. وأنت تريد منا المسجد؟ هذا صوت الجماعة.
الجواب: لا يا أبنائي! من صلاة الصبح وفحولكم ونساؤكم أيضاً في المصانع إلى غروب الشمس..نحن نجيز أن يوجد مصنع يتسع لخمسين ألف امرأة، أيما امرأة مات زوجها، عندها يتامى تشمر عن ساعدها وتتفضل تشتغل، مصنع تقام فيه الصلاة، الإمامة امرأة، والمواعظ والآداب والشغل كله نسائي، هذا نظام حياتنا، لكن هذا لا يستطيعونه، ننشئ مساحة من الأرض الزراعية تتسع لعشرين ألف شغالة، وعليها سور من حديد وبوابة وفي يدها الرشاش وتقام الصلاة والنساء يشتغلن ويتدرسن ويتعلمن ويأخذن أجوراً، افعلوا هذا، يقولون: لا نستطيع.
إذاً: تستطيعون أن تضحكوا على بناتنا، وتسخروا منهن، وتنالوا رغبتكم الجامحة في النظر إليهن، هذا هو الواقع. فهمتم أو ما تفهمون؟ من صلاة الصبح إلى المغرب وأنتم في المصانع والمزارع والمتاجر، فإذا قال: حي على الصلاة؛ يقف دولاب العمل، وتقبلون على الله ربع ساعة.
ومن المغرب إلى العشاء أهل القرية والمدينة والحي كلهم في بيوت الرب، لا يتخلف أحد بحال من الأحوال إلا مريض أو ممرض، ويجلس لهم مربٍ عليم بهدي الله ورسوله يلقنهم كل يوم آية وكل يوم حديث فقط، وطول العام وطول العمر هكذا، فهل يبقى بيننا جاهل؟ والله ما يبقى. هل يبقى بيننا فاسق؟ والله ما يبقى. هل يبقى بيننا لص؟ والله ما يكون. يا شيخ! لم تحلف؟ أنا أعرف، الذي يجلس يتلقى الهدى أنواره تزداد يوماً بعد يوم، أيسف ويرصف ويعود إلى الباطل والشر والفساد؟ لـِم يسرق ولو كان في حاجة إلى المال وأهل الحي يقتسمون الرزق بينهم؟ لا يشبع شابع وجائع جائع أبداً، لم يسرق؟ ماذا يريد بالمال؟ يتزوج يزوجونه، لا يسمحون للعزب أن يبقى، يزوجونه فيما بينهم، عرفوا الطريق إلى الله.
هذا هو الطريق، عرضناه عليهم، يقولون: لا نستطيع.. لا نقدر. إذاً: ابقوا على ما أنتم عليه حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ..