إسلام ويب

تفسير سورة السجدة (4)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لا يقبل الحق ويذعن إليه إلا من وفقه الله من أهل القلوب الحية والبصائر النيرة، الذين أسهروا ليلهم في عبادة الله، وقطعوا نهارهم في صيام الهواجر، طلباً لما عند الله من الفضل والكرامة، وخوفاً من عذابه وناره، فأعد لهم الله عز وجل لقاء ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:15-17].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! لما ذكر تعالى في الآيات السابقة التي تدارسناها بالأمس جزاء المجرمين والمشركين والكافرين والفاسقين والفاجرين ذكر هنا جزاء المؤمنين الصالحين، فقال تعالى: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا [السجدة:15]، أي: المنزلة على رسولنا، وهي القرآن الكريم الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا [السجدة:15].

    السجدات في القرآن الكريم وأحكامها

    اعلموا أن السجدات في القرآن صنفان: صنف مؤكد كالواجب، وصنف مختلف فيه، وأن المؤمن إذا كان يتلو القرآن الكريم سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة وانتهى إلى السجدة ينبغي أن يسجد، وإذا كان يستمع قارئاً يقرأ كلام الله فإذا سجد القارئ تعين عليه أن يسجد معه، وإذا لم يسجد القارئ لم يسجد؛ لأنه تابع له كالمأموم، فإذا سجد الإمام سجد معه، فإذا سجد فإنه يسبح الله تعالى بقوله: سبحان ربي الأعلى وبحمده، أو بما ورد عن داود عليه السلام، فإنه كان إذا خر ساجداً قال: ( سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين ) ، أو ( اللهم اكتب لي بها أجراً، وارفع بها ذكراً، وحط عني بها وزراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك ورسولك داود ) وعبادك الصالحين. وبعض أهل العلم من السلف يقول: لو ركع ولم يسجد أجزأه ذلك، واستدلوا بقول الله تعالى في داود: وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]، أي: رجع إلى ربه لما زلت القدم في القضية، وحكم بما لا ينبغي أن يحكم به، فعاد إلى الله تائباً، وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]. فلو ركع -والركوع أيضاً سجود- أجزأه ذلك، ولكن الأفضل أن يسجد على جبهته وأنفه في الأرض. هذا هو السجود.

    المؤمنون إذا ذكروا بآيات الله يخرون له ساجدين

    قال تعالى: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا [السجدة:15]، أي: القرآنية المنزلة على رسولنا، وبآيتنا الكونية الدالة على وجودنا وقدرتنا وعلمنا وحكمتنا والمستوجبة لعبادتنا وحدنا هم المؤمنون الصادقون. فهم إذا سمعوا الآيات القرآنية أو الكونية خروا لله سجداً، فلا يعظهم واعظ؛ أو يتلو عليهم تال إلا خروا لله ساجدين خاضعين لله، سواء كان هذا الواعظ نبياً أو عالماً، أو واحداً منهم، فهم لا يستكبرون. اللهم اجعلنا منهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088529833

    عدد مرات الحفظ

    777153202