إسلام ويب

تفسير سورة السجدة (7)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حين يكذب المكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم إنما يجحدون آيات الله التي تملأ الآفاق، فلا نزول المطر ولا خروج النبات من الأرض يستوقفهم ويحرك قلوبهم، بل هم سادرون في ضلالهم مستبعدون لما يوعدون به، حتى إنهم ليسألون المؤمنين مستنكرين عن وقت حلول الجزاء والعذاب، فأما أهل الإيمان فإنهم موقنون بمجيء ذلك اليوم الذي لا ينفع الكافرين فيه إيمان، ولا يقبل منهم معذرة ولا أيمان.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ [السجدة:27-30].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أعيد إلى أذهانكم أن السور القرآنية المكية تعمل على إيجاد العقيدة الإسلامية الصحيحة؛ إذ لا حياة للعبد إلا بعقيدة الإسلام الصحيحة، وصاحب هذه العقيدة حي يسمع ويبصر، ويقول ويأخذ ويعطي، ويذهب ويجيء، وفاقدها ميت.

    فالعقيدة الإسلامية الصحيحة كما حواها القرآن وبينها الرسول عليه الصلاة والسلام بمنزلة الروح لصاحبها، وفاقدها ميت.

    وها هم الذين ليس لهم عقيدة يسمعون حي على الصلاة فلا يجيبون ولا يصلون؛ لأنهم أموات.

    واعلموا أن من أعظم أركان هذه العقيدة وأهمها الإيمان بالله رباً لا رب غيره، وإلهاً لا معبود سواه، واعتقاد البعث الآخر، وما يتم فيه من الجزاء، إما بالنعيم المقيم، وإما بالعذاب الأليم، وقد علمتم -زادكم الله علماً- أن علة هذه الحياة هي العمل خيراً كان أو شراً، وأن علة الحياة الثانية هي الجزاء، إما بالجنة وإما بالنار، ولن يستطيع أحد أن يرد هذه الحقيقة العلمية، فهذه دار العمل، اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]. والدار الآخرة دار الجزاء.

    ثانياً: القلب الذي ملئ وعمر بالإيمان بالدار الآخرة وما يتم فيها من حساب وعقاب وجزاء، إما بالجنة أو بالنار، هذا القلب صاحبه لا يسقط سقوط الملاحدة والعلمانيين، وقد تزل قدمه ويرتكب ذنباً، ولكن لا يلبث أن يتوب ويبكي بين يدي الله مستغفراً، وأما فاقد هذه العقيدة -عقيدة البعث الآخر والجزاء على الكسب في الدنيا- فهو شر الخلق، وقلبه ميت، وقد بينت أنه لا يوثق فيه، ولا يعول عليه، ولا يسند إليه أمر؛ لأنه من شر الخلق. وهذه السور المكية كبارها وصغارها تعمل على إيجاد العقيدة، وتركز على عقيدة البعث والجزاء.

    وإليكم هذه الآيات الأربع، فإنها تقرر هذه العقيدة، عقيدة البعث الآخر والجزاء على الكسب في هذه الدنيا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088949429

    عدد مرات الحفظ

    780069836