إسلام ويب

تفسير سورة المؤمنون (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما أرسل الله عز وجل نوحاً إلى قومه يدعوهم إلى إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة تلك الأصنام التي كانت على صور رجال صالحين عاشوا فيهم قبل سنين، أبى عليه قومه وسخروا منه وآذوه هو والطائفة معه من المؤمنين، فلما أيس منهم استنصر ربه العلي القدير، فأوحى إليه أن يصنع الفلك ويملأه من كل زوجين اثنين، فلما دقت ساعة العذاب وفار التنور، انطلقت السفينة بمن عليها من المؤمنين، وأغرق الله تعالى الباقين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    قال تعالى: فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ * فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَقُلْ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ [المؤمنون:27-30].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! تقدم قول الله عز وجل على لسان نبيه ورسوله نوح أنه طلب من الله عز وجل النصر على الظالمين المشركين، فاستجاب الله عز وجل له، قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ [المؤمنون:26]، أي: بتكذيبهم إياي وخروجهم عن طاعتي، وإيذائهم لي، انصرني يا رب عليهم، فاستجاب الله له.

    وما زال ولا يزال الله عز وجل يستجيب لعباده المؤمنين وبخاصة المظلومين، إذ إن دعوة المظلوم لا ترد، وليس بينها وبين الله حجاب، فلنحذر أن نظلم، ولنحذر أن يدعو علينا مظلوم، واستجابة الله لدعاء عباده المؤمنين بابها مفتوح، فما من مؤمن ولا مؤمنة يرفع كفيه إلى ربه ويسأله حاجته إلا أعطاه، فإن كان مطلوبه وحاجته خيراً له عاجلاً أو آجلاً أعطاه إياها، وإن كان لا خير فيها لا في حاله ولا في مستقبله عوضه بدلها، وذلك إما بأن يرفع عنه البلاء الذي كان قد ينزل عليه، أو يرفع درجته في الملكوت الأعلى، أو يكفر بها ذنباً من ذنوبه، ومعنى هذا: من دعا الله بصدق استجاب الله له، وهو القائل في كتابه العزيز: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، والمحروم من أعرض عن الدعاء وهرب منه، أما من يقبل على سؤال الله ودعائه في أمور الدنيا والآخرة فهو في خير وعافية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464263

    عدد مرات الحفظ

    776883853