إسلام ويب

تفسير سورة النمل (15)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله عز وجل يرسل رسله لتبليغ شرعه ودينه، ولا يكلفهم بهداية الناس، إذ الهداية والرشاد بيده سبحانه، لذلك فإنه سبحانه وتعالى يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات أنه لا يسمع الموتى الذين ماتت قلوبهم بالكفر والفسوق؛ لأنهم لا يسمعون، وحال أحدهم كحال الأصم الذي لا يسمع الصوت، وكحال الأعمى الذي لا يبصر، فلا يفرق بين نور وظلمة، ولا بين نهار وليل.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ * فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ * إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ [النمل:76-81].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! تقدم في السياق الكريم تقرير المبادئ الثلاثة: التوحيد والنبوة والبعث الآخر، وبين هذا الكتاب أيما تبيين، وهنا يقول تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ [النمل:76] العظيم، وأل فيه للتعظيم والإجلال والإكبار، فقال: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ [النمل:76].

    ووصفه الله بالعظمة فهو عظيم، وهو هذا القرآن الذي كذب به المكذبون، وحارب رسول الله من أجله المحاربون، وادعوا أنه من الشعر أو من السحر أو من أساطير الأولين.

    وهذا القرآن العظيم يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل:76]. وبنو إسرائيل هنا يدخل فيهم اليهود والنصارى؛ إذ اختلف اليهود والنصارى اختلافاً بيناً، وعلى سبيل المثال فقط: النصارى قالوا في عيسى: ابن الله وإله مع الله، وهذا غلو فوق العادة، واليهود قالوا: عيسى ابن زنا وأمه عاهرة. واختلفوا أيضاً في كثير من مسائل العقيدة، واختلفوا في مسائل الدار الآخرة. وهذا الخلاف لا يخلصهم منه إلا القرآن، ووالله لو آمنوا بالقرآن لاتحدت كلمتهم وعقيدتهم، وأصبحوا أمة واحدة، ولكن تكبروا، ورفضوا الإيمان بالقرآن، ورفضوا سماع من يقرأه عليهم، ولهذا سيبقون في فتنتهم إلى أن يدخلوا دار البوار جهنم والعياذ بالله تعالى.

    وقوله: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ [النمل:76] الذي نزلناه على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل:76] فيما بينهم. ومعنى هذا: لو آمنوا بالقرآن من اليوم واجتمعوا عليه لاتحدت كلمتهم، وطابت نفوسهم، وسعدوا في الدنيا والآخرة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545416

    عدد مرات الحفظ

    777240147