إسلام ويب

تفسير سورة الأحزاب (13)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد شرَّف الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بحمل الرسالة الخاتمة، وحمله وأتباعه المؤمنين أمانة تبليغها إلى الناس كافة، ليحيا من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، ونهاه سبحانه وتعالى عن طاعة الكافرين والمنافقين، وأمره بالتوكل عليه وحده فهو نعم المولى ونعم النصير.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:45-49].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأحزاب:45]، هذا خطاب الله تعالى، وهذا نداء الرب تعالى لنبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم، فبعد ما مضى من تلك الأحكام وما عانى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون جاءت هذه البشريات؛ لتسلية الرسول والمؤمنين، وهذه هي إنعامات الله وإفضالاته على المؤمنين.

    وقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ [الأحزاب:45]، أي: إلى هذه الأمة والبشرية. وأمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي البشر كلهم من يوم ما نبأه الله وأرسله، ومن ذلك اليوم أصبحت البشرية أمته، وانقسمت إلى قسمين: أمة دعوة وأمة استجابة. والذين دعوا فاستجابوا هم أمة الاستجابة، ونحن إن شاء الله منهم، والذي دعوا وأعرضوا وأبوا كالموجودين بالبلايين اليوم هم أمة الدعوة، إذ الرسول أرسل إليهم وأرسل إلى الناس كافة، أبيضهم وأسودهم.

    وقوله: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ [الأحزاب:45]، أي: برسالتنا لتبلغها عبادنا، وهي أن يعبدونا وحدنا، عبادة تزكي أنفسهم وتطهر أرواحهم، وتحببهم منا وتحببنا إليهم، وتجعلهم في جوارنا في الملكوت الأعلى في دارس السلام؛ ليسعدوا في الدنيا ويكملوا ويتخلصوا من الأوساخ والأدران، والظلم والشر، والخبث والفساد.

    وقوله: شَاهِدًا [الأحزاب:45]، أي: على أمته، وعلى أمة الدعوة أيضاً، فيشهدوا يوم القيامة لله بأنه بلغ رسالته وآمن من آمن بها وكفر من كفر بها، كما قال تعالى: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143]. ومن يشهد عليه الرسول بالحق والخير مستحيل أن يخسر، ومن يشهد عليه بالكفر والشرك والباطل والله ما يفلح ولا يربح، ولكن يخسر الخسران الأبدي.

    وقوله: وَمُبَشِّرًا [الأحزاب:45]، أي: يبشر الذين استجابوا لدعوة الله، فآمنوا بالله ورسوله، وعبدوا الله بما شرع لهم، فأحلوا ما أحل، وحرموا ما حرم، فهؤلاء يبشرهم رسول الله بالجنة دار النعيم المقيم. والبشرى: الخبر السار المفرح الذي إذا سمعه العبد انطلق وجهه بالبشر والبياض، والسرور والفرح.

    وقوله: وَنَذِيرًا [الأحزاب:45]، أي: مبشراً للمؤمنين، ونذيراً للكافرين، ينذرهم مما يخوفهم من عذاب الله، ومن سخطه في الدنيا وفي الآخرة، والآخرة أعظم. فهو ينذر الفسقة والفجرة، والكافرين والمشركين، أو المنحرفين عن الطريق الموصل إلى الجنة، وينذرهم علهم يرجعون ويمشون في الطريق، وينجون ويكملون ويسعدون؛ إذ هذه رسالته، وهذه مهمته، فقد عانى وقاسى ما لا يطاق ولا يقدر عليه ثلاثٍ وعشرين سنة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511612

    عدد مرات الحفظ

    777041072