إسلام ويب

تفسير سورة الأحزاب (9)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أكرم الله عز وجل نساء النبي صلى الله عليه وسلم بصحبته، والاطلاع على تفاصيل حياته وسنته، فكان عليهن واجبات تفوق ما يلزم سائر نساء المسلمين، وبحكم مكانهن من رسول الله أمرهن الله بالقرار في بيوتهن وبعدم التبرج، كما أمرهن بتبليغ ما يحصل في بيوتهن من سنن المصطفى، وما ينزل عليه في بيوتهن من آيات الله، وأن يؤدين فرائض الله عز وجل حتى يذهب الله عنهن الرجس ويطهرهن تطهيراً.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا [الأحزاب:31-34].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [الأحزاب:31] الآية، هذا قول ربنا عز وجل موجه لزوجات الرسول التسع اللائي عرفناهن بالأمس واحدة بعد واحدة، وأولئك النسوة الطاهرات الصالحات كما تقدم خيرهن الله بين الإيمان بالله ورسوله واختيار الدار الآخرة وبين الدنيا وما فيها من شهوات وزخارف، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ففزن فوزاً عظيماً.

    وسبق أن علمنا أن نساء الرسول الكريم اجتمعن في بيت عائشة ، وطلبن منها أن تطالب الرسول بأن يوسع عليهن الرزق كما هي حال الأنصار والمهاجرين، وأن عائشة عرضت ذلك على الرسول، وأن الرسول اكتأب لذلك وكرب، واعتزل نساءه شهراً كاملاً؛ لعجزه عن مطالبة نسائه، ثم أنزل الله آية التخيير، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:28-29]. فلما استجبن لله والرسول واخترن الآخرة عن الدنيا قال تعالى لهن: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [الأحزاب:31] أولاً وَتَعْمَلْ صَالِحًا [الأحزاب:31] ثانياً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ [الأحزاب:31].

    وقوله تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ [الأحزاب:31] يا معشر نساء الرسول التسع! لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [الأحزاب:31]. والقنوت هو الطاعة مع خشوع وخضوع، و وَتَعْمَلْ صَالِحًا [الأحزاب:31]، أي: النوافل بعد الفرائض، نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ [الأحزاب:31]، أي: مضاعفاً؛ لأن منزلتها عالية، ومقامها سامٍ، وهي لم تعد كباقي النساء بعد أن اختارت الله والدار الآخرة، فإذاً: يضاعف لها الله تعالى الأجر مرتين، ولم يحصل هذا لغير نساء الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد قال تعالى عنهن: نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا [الأحزاب:31]، أي: أحضرنا وهيأنا لها في الجنة رزقاً كريماً، ألا وهو نعيم الجنة وما فيها. وهذه بشرى عظيمة فاز بها أولئك الصالحات الطاهرات.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521075

    عدد مرات الحفظ

    777096503