قال: [ هداية الآيات] والآن مع هداية الآيات:
[ من هداية هذه الآيات
أولاً: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله على الصبر على أذى قريش وتكذيبها وعنادها ] لكون الرسول صلى الله عليه وسلم يواجه ما لا يقدر عليه سواه، فقد كانوا يسبونه ويشتمونه، ويؤذونه ويكفرون به في مكة، فنزلت هذه الآيات تسلية له، وتحمله على الصبر والثبات.
[ ثانياً: تهديد قريش إذا أصرت على التكذيب بأشد أنواع العقوبات ] وقد عرض الله في هذه السوره: عاداً وثمود، وأمماً كاملة أهلكها الله؛ لأنهم كذبوا رسلهم، ولأن كفار قريش كذبوا رسولهم فهم ليسوا بعيدين من عذاب الله تعالى، وفي هذا ما ينفعهم لو كانوا ينتفعون.
[ ثالثاً: بيان استهزاء المشركين واستخفافهم بأخبار الله تعالى وشرائعه ] فقد قالوا: ربنا عجّل لنا بكتبنا التي فيها أعمالنا قبل يوم القيامة. وهذا لا يقوله مؤمن، ومع هذا فهم لا يؤمنون بالحساب ولا بالجزاء فيه.
[ رابعاً: مشروعية الأسوة والاقتداء بالصالحين ] فمن وجد مؤمناً أصلح منه فليقتد به، من وجد رجلاً صبوراً فليصبر مثله، وهكذا، فهذه سنة، وهي أن يقتدي المؤمنون بالصالحين. ولهذا قص الله على رسوله قصة داود، وأمره أن يقتدي به وبغيره من الأنبياء والمرسلين.
[ خامساً: بيان آية تسخير الله تعالى الجبال والطير لداود تسبح الله تعالى معه ] وهذه من آيات الله وقدرته وعلمه، وتسخيره للكائنات بما فيها الجبال والطير، فكانت الطيور تتجمع بمئات الآلاف حول داود، وهو يسبح الله فتردد معه، وكان إذا مشى مشت الجبال عن يمينه وشماله تسبح معه.
[ سادساً: حسن صوت داود في قراءته وتسبيحه ] فقد كان حسن الصوت في تكبيره وتسبيحه؛ ولهذا كانت الطيور معجبة بصوته، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري يقرأ بصوت حسن، فقال: ( لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود ). ولهذا يستحب أن يُتلى القرآن بصوت حسن، ويستحب للقارئ أن يحسن صوته بكلام الله، وهذا لكل مؤمن ومؤمنه.
[ سابعًا: مشروعية صلاة الإشراق والضحى ] وقد سمعتم أن ابن عباس ما كان يعرف معنى العشي والإشراق، حتى سأل أم هانئ فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وطلب ماء وتوضأ وصلى في الضحى ثمان ركعات وقال: ( هذا هو الإشراق ). حتى لا تفهم أن الإشراق هو طلوع الفجر، فالإشراق من حين ترتفع الشمس ويبدأ الضحى إلى قبل الظهر بربع ساعة.