إسلام ويب

تفسير سورة ص (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله عز وجل نزل من القرآن ما يسلي به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، فذكر له حال الأقوام السابقين كقوم نوح وعاد وثمود، وتكذيبهم لأنبيائهم، وصدهم عن سبيل ربهم، مبيناً له أن هذا ليس شأن قومه وحدهم، بل هم سائرون على طريق من قبلهم، وأوصاه سبحانه بالصبر عليهم ومتابعة دعوتهم وعدم استعجال النتائج.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ * وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ * إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ * وَمَا يَنظُرُ هَؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ * وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ * اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ [ص:12-20].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ [ص:12]، هذه الآيات فائدتها تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم، وحمله على الصبر والثبات وتعزيته، وهو يواجه المصاعب من أعداء الله من المشركين الكافرين في مكة؛ حتى ينجز الله له ما وعده. وفي نفس الوقت هي عبر وعظات للمشركين لو كانوا يتعظون ويعتبرون.

    فقوله عز وجل: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ، أي: قبل قوم مكة من المشركين قَوْمُ نُوحٍ [ص:12]. ونوح هو أول الرسل عليهم السلام، وقد قضى في قومه تسعمائة وخمسين سنة يدعوهم إلى الله، وهم يسخرون منه ويضحكون ويؤذونه، ولم يسلم منهم إلا نيف وثمانون نسمة بعد ألف سنة إلا خمسين عاماً، ثم بعد ذلك أهلك الله هذه الحياة بماء ينزل من السماء، وماء يتفجر من الأرض، حتى غرقت الدنيا بما فيها، وهذا هو الطوفان الذي طفا وقضى على كل الموجودين، ولم ينج منه إلا نوح وأصحاب السفينة.

    وقوله: وَعَادٌ ، وهم بعد نوح، وقد كانوا في جنوب الجزيرة في حضرموت غرباً وشرقاً، وكانوا أعظم دولة في ذلك الوقت، وحسبنا أن الله قال فيهم: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8]. فقد كان طول أحدهم ستين ذراعاً، فأهلكهم الله ولم يبق منهم إلا المؤمنين الذين خرجوا من ديارهم، والتحقوا بالشمال فقط.

    وقوله: وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ [ص:12]، الأوتاد هي المباني العظيمة من الأخشاب وغيرها، ومن ذلك الأوتاد التي كان يضع من يخالفه عليها، فيصلبه ويقتله، فقد كان له أربعة أعمدة يضع من يخالفه بينها، وينزل عليه ما شاء من العذاب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531172

    عدد مرات الحفظ

    777163382