إسلام ويب

تفسير سورة يس (10)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عهد الله إلى بني آدم أن يعبدوه سبحانه ولا يشركون به شيئاً، وأخذ عليهم سبحانه وتعالى ميثاقه، لكن كثيراً منهم ضلوا عن سواء الصراط، وأبوا إلا اتباع خطوات الشيطان، الذي ما يفتأ يوردهم الموارد، ويقحمهم المهالك، ويعرضهم لمساخط الله، حتى إذا جاء وعد الله وعاينوا النار تخلى عنهم الشيطان، وتبرأ منهم، وما ينفعه ذلك وما ينفعهم، فهم إلى جهنم داخلون، وفي عذابها مشتركون.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن ما زلنا مع سورة يس المكية، فهيا بنا نتدارس هذه الآيات المباركة ونتأمل ونتدبر معانيها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس وما نسمع.

    بسم الله الرحمن الرحيم: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ * الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ * وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ [يس:60-68].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قال ربنا جل ذكره: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يس:60]، وهذا القول يقال لأهل النار؛ إذ تقدم في الآية الكريمة: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، وقد امتازوا عن المؤمنين والمؤمنات ودخلوا جهنم، والآن يخاطبهم الله موبخاً لهم مقرعاً، فقال: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ [يس:60] أي: ألم أوص إليكم وصايا بواسطة كتبي ورسلي وأنبيائي وعبادي الصالحين؟

    فقد أنزل كتبه وأرسل رسله، والكل يدعو إلى أن يعبد الله تعالى وحده ولا يعبد معه غيره، ولكن عبدوا الشيطان، فكل من خرج عن طاعة الله ورسوله بوسواس الشيطان وتزيينه وتحسينه ودفعه الإنسان إلى ذلك، فكان الشيطان هو المطاع، والمطاع هو المعبود، فمن أطاع الشيطان عبده، ومن أطاع الرحمن عبده؛ إذ الطاعة هي العبادة.

    إذاً: يوبخهم تعالى ويقرعهم ليزداد كربهم وحزنهم فيقول: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يس:60]، أي: كيف تعبدونه؟! وهكذا يوبخهم ويقرعهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088051741

    عدد مرات الحفظ

    775410656