إسلام ويب

تفسير سورة التحريم (1)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الله عز وجل هو الذي له التشريع والتحريم والتحليل، وليس لأحد من خلقه أن يحل ما حرم أو يحرم ما أحل؛ لأن ذلك من موجبات العبادة التي لا تكون إلا له سبحانه وتعالى، وقد بين الله عز وجل في مستهل هذه السورة ما يلزم المؤمن إن هو حرم شيئاً مما أحله الله لعباده، حيث يلزمه أن يخرج كفارة يمين عن ذلك، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: هيا بنا إلى سورة التحريم المباركة، والمسماة بسورة النبي صلى الله عليه وسلم. الله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [التحريم:1-5].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه سورة التحريم، وتسمى سورة النبي صلى الله عليه وسلم.

    سبب نزول سورة التحريم

    سبب نزول سورة التحريم: أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ذهبت إلى بيت أهلها وتركت حجرتها، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم جارية -أمة- وهي مارية القبطية، فدخل معها في حجرة حفصة، فجاءت حفصة فتألمت، وقالت: على فراشي يا رسول الله! وفي حجرتي. فأراد الحبيب صلى الله عليه وسلم أن يخفف ألمها فقال لها: ( اسكتي لقد حرمتها، فلن أطأها، فهي عليّ حرام، ولا تقولي لأحد هذا ). وتمضي الساعات أو الليالي والأيام وتخلو حفصة بـعائشة ، وهما متحابتان، فأطلعت حفصة عائشة بالحاجة، وقالت لها كذا وكذا، فتألم لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أخبرته عائشة بأنه وقع كذا وكذا، فأنزل الله تعالى هذه الآيات.

    معنى قوله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ...)

    قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [التحريم:1]! أي: محمد صلى الله عليه وسلم لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1]؟ وهنا نعلم معشر المستمعين! أنه لا يحرم ولا يحل إلا الله، ولهذا أكثر أهل العلم من سلف الأمة: أن من حرم حلالاً على نفسه فلا يحرم، ومن قال: هذا الطعام حرام عليّ أو هذا الشراب، أو هذا الثوب لا ألبسه، وهو حرام عليّ فلا يحرم شيء، اللهم إلا الطلاق، وإلا تحريم النساء لهذه الحادثة. فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ [التحريم:1]، أي: تريد أن ترضي حفصة؛ لأنها تألمت لوجودك في فراشها مع أمتك أم إبراهيم. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التحريم:1]. وما دام الله غفوراً رحيماً فهو يغفر لكم، وهو يرحمكم كلكم، حفصة وأنت ومارية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089178999

    عدد مرات الحفظ

    782474350