اسمعوا هداية الآيات وما فيها من النور.
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: تقرير صفة من صفات الإنسان قبل شفائه بالإيمان والعبادة، وهي الكفر الواضح المبين ].
من هداية الآيات التي قرأناها وتدارسناها: تقرير ما عليه الإنسان قبل هدايته من الكفر المبين إذا لم يعالج ويداو ليشفى من كل ما فيه من شر وخبث وفساد، فلا يعرف الحق ولا يؤمن به أبداً إلا إذا عولج وشفي، وبم يعالج؟ بالإيمان وصالح الأعمال، فإن آمن بالله ولقائه واستقام على طاعة الله ورسوله نجا وأصبح أهلاً لأن يقول ويسمع منه.
[ ثانياً: وجوب إنكار المنكر ومحاولة تغييره في حدود ما يسمح به الشرع وتتسع له طاقة الإنسان ].
من هداية هذه الآيات: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجوب بيان الطريق للناس، وجوب بيان الطريق للبشرية، هذه هي مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التي قام بها، وعلى أمته أن تقوم بها مثله أيضاً.
فهذا الصراع الذي كان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين أليس هو بأمر بمعروف ونهي عن منكر؟ ما قال: اتركهم كافرين.
[ ثالثاً: بيان حال المشركين العرب في الجاهلية من كراهيتهم البنات خوف العار، وذلك لشدة غيرتهم ]، ما يحبون البنت أبداً، كما قال تعالى:
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا
[الزخرف:17] فكيف يكون حاله؟
ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ
[الزخرف:17] لماذا؟ خوف العار، يخاف على ابنته أن يطأها فحل من الفحول، كيف تصبح تحت فلان؟
[ رابعاً: بيان ضعف المرأة ونقصانها، ولذا تكمل بالزينة، وإن النقص فيها فطري في البدن والعقل معاً ].
من هداية هذه الآيات: بيان أن الأنثى ضعيفة البدن والعقل معاً، ضعيفة البدن فما تستطيع المرأة أن تتحمل الأثقال، هل تحمل القنطار والقنطارين؟ هل تعمل في المزرعة؟ ما تستطيع لأنها ضعيفة البدن، وكذلك هي ضعيفة العقل، أليس كذلك؟ هذا إخبار الله، وهذا هو الواقع، فمن يقول: لا؟ والله! إنها لضعيفة البدن والعقل معاً، وقد بينت لكم أنه إذا تقدمت بحجة تنقلب عليها، ما تعرف الحجة ولا الخصومة.
[ خامساً: بيان أن من قال قولاً وشهد شهادة باطلة فسوف يسأل عنها يوم القيامة ويعاقب عليها ].
من قال قولاً بدون علم، وشهد شهادة باطلة؛ فوالله! ليسألن عنها يوم القيامة ويعذب بها.
[ سادساً: حرمة القول على الله بدون علم، فلا يحل أن ينسب إلى الله تعالى شيء لم ينسبه هو تعالى لنفسه ].
لا يحل لإنسان مهما كان أن يقول عن الله شيئاً لا يعلمه، لا صفة ولا ذاتاً ولا شريعة، لا نقول على الله إلا ما علمنا أنه قاله، فلنحذر القول على الله عز وجل، فهم كذبوا على الله ونسبوا إليه البنات فندد بهم ولعنهم وتوعدهم بالعذاب، لا تقل: قال الله إلا على علم، لا تنسب إلى الله الشيء إلا إذا كنت موقناً أن الله موصوف به.
[ سابعاً: حرمة التقليد للآباء وأهل البلاد والمشايخ، فلا يقبل قول إلا بدليل من الشرع ].
وهنا لطيفة: نحن نصلي وبعض إخواننا مسبلون أيديهم ما يضعونها على صدورهم، لماذا؟ آلله أمرهم بذلك؟ الجواب: اللهم لا، آلرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك؟ الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمر بذلك، فلماذا؟ إنه التقليد فقط، جماعة استقلت عن جماعة المسلمين وخرجت عن جماعة المؤمنين وأصبحت لها هيئة خاصة وصورة خاصة، إذاً: ما أرفع يدي لأنني إباضي، أو لأنني زيدي، أو لأنني رافضي، وهذا والله خطأ فاحش.
فالأئمة الأربعة -مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد- جمعوا أمة الإسلام، ما خرجوا بها عن الإسلام أبداً، هؤلاء الأربعة كلهم -والله- يقبضون أيديهم ويأمرون الأمة بذلك، ولا تقل: نحن المالكية فينا من يقول؛ لأن الأمة لما هبطت بدأت أمور سياسية تظهر فيهم، والله! ما هي إلا سياسة فقط، فلماذا أنا لا أقبض يدي والأمة تقبض أيديها؟ لنسأل أهل العلم، والله! ما رؤي صلى الله عليه وسلم في الصلاة إلا وهو قابض يديه على صدره.
وهذا هو التقليد الأعمى، فما نقلد إلا بالدليل، فما الدليل على أن هذا القبض ممنوع أو حرام ولا يجوز؟ ما الدليل على أن السدل سنة؟ هات قال الله وقال رسوله، ما دليلك؟ لا تقل: قال شيخي وقال فلان وفلان في جماعتي.
فهذه الهداية السابعة: ما نقلد في دين الله أحداً، ما علينا إلا أن تأتيني بـ(قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم)، ما نتبع أهواء الناس.
قال المؤلف في الهامش في قوله تعالى:
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ
[الزخرف:20]: [ قولهم منظور فيه إلى أن مشيئة الله -وهي إرادته- قسمان: إرادة كونية وإرادة تكليفية شرعية.
فالإرادة الكونية القدرية هذه لا تتخلف أبداً، فما شاء الله كان.
والإرادة الشرعية التكليفية هي التي قد تتخلف؛ لأن الله تعالى وهب عبده إرادة واختياراً، وبحسب ما يختاره يكون جزاؤه، والمشركون لا علم لهم بهذا، فلذا نفى عنهم العلم راداً باطلهم بجهلهم ].
وقد بينا هذا، فإرادة الله نوعان: إرادة أزلية كونية، إذا قال للشيء: كن فيكون.
وإرادة شرعية، يريد منا أن نصوم، يريد منا أن نحج، وتقع هذه الإرادة وقد لا تقع، إن استجبنا لها جزانا بذلك خير الجزاء، وإن أعرضنا وتكبرنا عذبنا أشد العذاب، هذه إرادة التكليف والتشريع.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.