إسلام ويب

تفسير سورة الزخرف (3)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يعجب المرء لعقل هذا الإنسان إذا استحوذ عليه الشيطان، فإنه يسوقه إلى مهاوي الردى وسبل الطغيان، فقد حملهم على أن نسبوا لله الواحد الأحد ما يكرهونه لأنفسهم من الولد، فواحدهم يهم ويكرب إذا بشر بولادة الأنثى، ورغم ذلك لم يرعووا عن نسبتهن لله العلي الأعلى، كما نسبوا له الملائكة الأطهار، وزعموا أن هذا كان هو دين آبائهم الأبرار، فويل لهم مما تزينه لهم عقولهم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فها نحن مع هذه الآيات من سورة الزخرف المكية، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:15-23].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هيا لنقضي هذه الدقائق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين في مكة كأننا معهم قبل دخولهم في الإسلام.

    قال تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ [الزخرف:15] أي: لله، مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا [الزخرف:15] ما هذا الجزء؟ ما هذا النصيب من العباد؟

    قالوا: الملائكة بنات الله، كيف هذا؟ قالوا: أصهر إلى الجن وأنجب الملائكة! فمن يقول هذا من ذوي العقول؟ الله خالق الملائكة أيتخذهم أولاداً له؟ الله الذي يقول للشيء: كن فيكون، الذي أوجد كوكب الشمس يحتاج إلى زوجة وإلى ولد؟ وسبقهم النصارى فقالوا: عيسى ابن الله! ولا عجب.

    وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ [الزخرف:15] عباده الملائكة، خلقهم قبل أن يخلقنا، قبل أن يخلق آدم وحواء، فهم عبيده وعباده، يعبدون الليل والنهار لا يفترون أبداً طول الدهر.

    ثم علل تعالى هذا القول بقوله: إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ [الزخرف:15] الإنسان قبل أن يدخل المستشفى، قبل أن يستعمل الوصفة الطبية ذات الأرقام الثمانية، قبل ذلك هذا شأنه: كثير الكفر والعياذ بالله، وكفره بين واضح ظاهر.

    لو آمنوا بالله وكتابه ورسوله ما وقفوا هذا الموقف ولا قالوا هذا القول الباطل السيئ، لكنهم ما هذبوا، ما ربوا، ما دخلوا في رحمة الله؛ فلهذا يجب أن ندخل الناس في دين الله، فيؤمنوا بالله وكتابه ورسوله، وبذلك يصبحون أهلاً لأن يعقلوا ويفهموا ويعملوا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088455578

    عدد مرات الحفظ

    776836946