إسلام ويب

تفسير سورة الزمر (10)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قومه يدعوهم إلى توحيد الله عز وجل، ونبذ ما يعبدون معه من الأصنام والأوثان، فما كان منهم إلا أن أعرضوا عنه وخوفوه بما يمكن أن يصيبه من الأذى عن طريق آلهتهم التي يعبدون، فأوحى الله عز وجل إلى نبيه أن يعلن المفاصلة بينه وبين قومه، وينذرهم عذاب الله المقيم، الذي يحل بالمكذبين الكافرين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ * قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ [الزمر:36-40].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]؟ بلى. وأذكركم بأن مؤامرة من أبشع المؤامرات تمت في مكة؛ من أجل قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد اجتمعوا في ناديهم نادي الضلال والشرك والكفر، ودخل عليهم إبليس في صورة رجل من أهل نجد وهم يقولون: إن الذي سيقوم بهذه المهمة فلان.. وفلان.. وفلان! فأرشدهم إبليس وقال لهم: خذوا من كل قبيلة رجلاً وليذهبوا إلى محمد ويقتلوه؛ كي يتفرق دمه في القبائل، وتنتهي هذه الفتنة بزعمهم وهذا الصراع، وبالفعل بينما هو نائم إذا بأربعين رجلاً من شتى القبائل على بابه والسيوف في أيديهم، ينتظرونه حتى يخرج ليقتلوه فيترق دمه بين القبائل، وشاء الله أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على فراشه ويخرج، وفي يده حفنة من تراب يرميها في وجوههم فيصابون بالعمى فما شاهده أحد حتى خرج، وكان له ميعاد مع أبي بكر وسارا معاً إلى الغار الذي استقرا فيه يوم وليلة، ونزل في هذه الحادثة قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]. أي: أنت ستموت وهم سيموتون.

    وقد نجاه من قتلهم، وهي آية من آيات الله، ثم ساروا وراءه يطلبونه علهم يعثرون عليه فما عثروا عليه.

    وإن تعجبت من نجاة محمد فإن الله معه وهو كافٍ كل من كان معه.

    ثم قال تعالى: وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [الزمر:36]. وهي الأصنام والأحجار، وكانوا يقولون له: إذا لعنتها وكفرت بها، فقد تصيبك بالبلاء والشقاء والعذاب!

    كما يفعل بعض العوام حين تقول له: لا يجوز الذبح لهذا القبر ولا العكوف عليه ولا التمسح به فيقول: إن هذا الولي سيصيبك بكذا وكذا! لأن الفطرة البشرية واحدة، والذي يوسوس ويزين الباطل إبليس وهو مازال، فأولئك خوفوا الرسول صلى الله عليه وسلم بالأصنام حين دعاهم إلى تركها، وهؤلاء يخوفونا بالأولياء إذا حذرناهم من العكوف عليها والتمسح بها، حتى أنه إذا مرض أو عمي أحد الناس قالوا: الأولياء هم الذين أصابوه، وما زال الجهال يخوفون بالأولياء إلى اليوم.

    ثم قال تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر:36]. أي: والذي يضله الله لا يقوى على هدايته أحد فهون على نفسك يا رسولنا! وخفف الآلام عن نفسك، لأن الله ما أراد هدايتهم، وإنما أراد إضلالهم فهم لا بد وأن يبقوا على ضلالهم، ويصروا على عبادة الأصنام حول الكعبة، وإن كان القرآن ينزل والآيات واضحة كالشمس في الأفق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088535944

    عدد مرات الحفظ

    777189886