قال: [ هداية الآيات ] والآن مع هداية الآيات.
[ من هداية هذه الآيات:
أولاً: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله على الصبر والثبات في أصعب الظروف ] لأنه ظل عشر سنوات يدعوهم ليل نهار فلم يستجب له كثير من البشر، فكان يتألم ويكرب ويحزن، فيخفف الله عنه بمثل هذه الآيات.
[ ثانياً: مظاهر قدرة الله في الموت والحياة مما يقتضي الإيمان به وبلقائه وتوحيده ] وليس هناك من يموت ويحيي غير الله، ولهذا كان المشركون يعترفون بوجود الله تعالى كما قال الله عنهم:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
[الزخرف:87]، وقال عنهم:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
[العنكبوت:61]، ولكن الملاحدة والعلمانيين والبلاشفة الحمر الشيوعيين ينفون وجود الله، وهي مغالطة واضحة إذ أنه لابد لكل موجود من صانع.
قال الشيخ في النهر غفر الله له ولنا ولوالدينا أجمعين: [ قال ابن عباس وغيره من المفسرين: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها، فإذا أرادت الرجوع إلى الأجساد أمسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
قال علي رضي الله عنه: فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها فلقيها الشيطان وخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة ].
ونحن الآن نتصل عبر الهاتف برجال هم في أمريكا أو غيرها من الدول البعيدة ونتحدث معهم ونحن في مكاننا وكذلك الأرواح تتلاقى مع بعضها في السماء والجسد في الأرض قال: [ وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض بداخلة إزاره، فإنه لا يدري من خلفه عليه، ثم ليقل: باسمك ربي، وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) ] وهذا ذكر محفوظ عن الرسول صلى الله عليه وسلم فتقول كل ليلة، إذا أويت إلى فراشك: باسم الله المحيي المميت، باسم الله المحيي المميت، باسم الله المحيي المميت، ثم تقول: باسمك اللهم وضعت جنبي، وباسمك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك. وهو دليل على أن الأرواح ترفع إلى السماء ويقبض الله ما شاء ويرسل ما شاء.
[ ثالثاً: إبطال حجة المشركين في عبادة الأوثان من أجل الشفاعة لهم، إذ الشفاعة كلها لله ] فمن أراد أن يشفع له النبي صلى الله عليه وسلم فليقل: اللهم شفع فينا نبيك ورسولك يا رب العالمين؛ لندخل الجنة دار النعيم ، فإن هذا دعاء صالح، ولن ينكر عليك أحد، وأما أن نقول: يا رسول الله! اشفع لنا فهذا لا يجوز.
[ رابعاً: بيان خطأ من يطلب الشفاعة من غير الله، إذ لا يملك الشفاعة إلا هو ] والشفاعة لها شرطان:
الأول: أن يأذن الله عز وجل للشافع.
الثاني: أن يرضي الله تعالى عن المشفوع له. أما إذا لم يرض عنه فما تنفعه الشفاعة، وإبراهيم لم يقبل الله شفاعته في والده، ولا أحد أعظم من إبراهيم عليه السلام صلاحاً وتقوى.
[ خامساً: بيان سفه المشركين وضلالهم في غضبهم عند سماع التوحيد، وفرحهم عند سماع الشرك ] فقد كانوا إذا سمعوا التوحيد يغضبون ويسخطون، وإذا سمعوا الشرك يفرحون ويستبشرون، وهذا هو الضلال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.