إسلام ويب

تفسير سورة الزمر (15)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الله عز وجل بيده كل شيء وبيده مقاليد السموات والأرض، فهو سبحانه المستحق لأن يعبد ويوحد، وكل عباده مأمورون بذلك، لا يستثنى منهم ملك مقرب ولا نبي مرسل، فإذا كان يوم القيامة حين يحشر الله الأولين والآخرين، ترى الذين كذبوا على الله وكذبوا برسالاته وجوههم مسودة، يساقون إلى النار هي مثواهم وبئس المصير، أما المتقون فينجيهم الله بمفازتهم، لا يمسهم فيها نصب ولا هم يحزنون.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:60-66].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:60]. المراد بيوم القيامة هو: اليوم الذي نقوم فيه من قبورنا إلى الله، ليحاسبنا ويجزينا على أعمالنا في الدنيا، فمن آمن وعمل صالحاً أدخله الجنة، ومن كفر وعمل سوءاً أدخله النار. كما قال تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ [الزمر:60]فطائفة كذبوا على الله، نسبوا إليه البنت والولد والزوجة، ونسبوا إليه الشركاء وعبدوهم معه، وقد كذبوا على الله. وطائفة قالوا: أحل الله كذا وهو لم يحله، أو حرم كذا وهو لم يحرمه، أو شرع كذا وهو لم يشرعه.. وقد كذبوا على الله، وهؤلاء الذين كذبوا على الله ترى وجوههم مسودّة يوم القيامة، أما الذين عبدوا الله ووحده وأطاعوه، فوجوههم بيضاء مشرقة، اللهم اجعلنا ممن وجوههم بيضاء مشرقة.

    والذين كذبوا على الله وافتروا عليه وقالوا عليه الباطل، ونسبوا إليه الولد أو الشريك، أو وصفوه بغير صفاته أو كذبوا عليه ونسبوا إليه أنه شرع كذا وهو لم يشرعه ولم يقله هؤلاء تراهم يوم القيامة وجوههم مسودّة لكونهم من أهل النار.

    ثم قال تعالى: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:60]؟ بلى في جهنم مثوى ونزل وإقامة أبدية لأصحاب الوجوه السوداء، أصحاب الكفر والكذب على الله، وأصحاب الشرك وعبادة غير الله.

    فعلينا أن نحذر من أن نكذب على الله ونتحاشى ذلك طول الحياة، فلا نقل عن الله ما لم يقله، أو ننسب إليه ما لم يكن له، وويل للذين قالوا: عيسى ابن الله، وويل للذين قالوا: العزير ابن الله، وويل للذين قالوا: الملائكة بنات الله، ويل للذين حرموا ما أحل الله ونسبوا ذلك إليه، أو أحلوا ما حرم ونسبوا ذلك إليه، فلنحذر من القول على الله بدون علم، فإذا سُئلت فقل: الله أعلم، ما دمت لا تعلم هل أحله الله أو حرمه.

    والمراد من جهنم: دركة من دركات النار؛ إذ النار دركات دركة تحت دركة ومن بينها دركة جهنم والعياذ بالله تعالى، وفيها مثوى المتكبرين، والمتكبر هو: الذي يجهل الحق، ويغمص الناس حقوقهم ويحتقرهم ويزدريهم، ولا يسجد ولا يركع لله، ولا يقبل أمر الله فيفعله ولا يقبل نهيه فيتركه، نعوذ بالله أن نكون منهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088516042

    عدد مرات الحفظ

    777064896