إسلام ويب

تفسير سورة الزمر (16)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الموقف يوم القيامة موقف عصيب، لا يدانيه ولا يشابهه موقف قبله ولا بعده، فيه يجمع رب العزة والجلال الأرضين في قبضته، ويطوي السموات بيمينه، ويجمع الأولين والآخرين ويوقفهم بين يديه، وينصب لهم الميزان، فلا تظلم نفس يومئذ مثقال ذرة من خير أو شر، والله عز وجل هو الحكم العدل وهو خير الحاسبين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ [الزمر:67-70].

    الشيخ: معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر:67]، والذين ما قدروا الله حق قدره هم: المشركون الكافرون الفاسقون الفاجرون، فهم ما عظموا الله حق تعظيمه، وهو الذي خلقهم ورزقهم وخلق الحياة كلها من أجلهم ثم هم يتجاهلونه، ويعرضون عنه، وينسونه ويعبدون الشياطين، ويؤلهون الأصنام والأحجار، ويطيعون إبليس، فهؤلاء ما عرفوا عظمة الله وجلاله وكماله.

    وإليكم صورة واضحة لعظمة الله وجليل قدره؛ كما قال سبحانه: وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67]. فالأرض بكل ما فيها من جبال وأودية وبحور في قبضته يوم القيامة.

    ثم قال تعالى: وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67]. أي: والسماوات السبع يطويها في يده كطي الكتاب في يده، وقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ )، وهذا معنى قوله تعالى: وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67].

    ثم قال تعالى: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]. أي: تنزه وتقدس وتعاظم عن الشرك الذي يشركه المشركون، إذ هم يعبدون الشهوات والشياطين والأحجار والأصنام ويؤلهونها وينسون ربهم خالق كل شيء ومالك كل شيء، ورب كل شيء، وبدل أن ينكسروا بين يديه ويخروا له ساجدين راكعين يبكون له ويدعونه ويسألونه؛ يلتفتون إلى الأحجار والأصنام والشهوات ويعبدونها من دونه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088528706

    عدد مرات الحفظ

    777145106