إسلام ويب

تفسير سورة الزمر (5)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الذين يكفرون بآيات الله ويكذبون رسله أعد الله لهم ناراً مستقرة، وهم في طبقات من فوقهم، ومن تحتهم طبقات، لا يخرجون منها ولا ينقذون، أما الذين اجتنبوا الطاغوت وأنابوا إلى ربهم المعبود فإن لهم سكنى الجنان، لهم فيها غرف بعضها فوق بعض، ويجري الله لهم الأنهار من تحتهم، وفاء منه سبحانه بما وعدهم إن هم آمنوا واتقوا، والله لا يخلف الميعاد.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ * أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ [الزمر:17-20].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى [الزمر:17]. والطاغوت هو الشيطان عليه لعائن الرحمن، وما عبد من دون الله يطلق عليه طاغوتاً، فكل صنم طاغوت، وكل حجر طاغوت، وكل شهوة طاغوت؛ لأنه صرف عبد الله عن عبادة سيده ومولاه، وكل ما عبد من دون الله سمه طاغوتاً إلا أن يكون من الإنس أو الجن فإنه إن لم يرض لم يصر طاغوتاً وإن رضي فهو طاغوت، وهذا الخبر له شأنه فهو تعالى يقول: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا [الزمر:17]. أي: انصرفوا عنها وتركوها وأعرضوا عنها، ولم يعبدوها هؤلاء جزاءهم بأن: لَهُمُ الْبُشْرَى [الزمر:17]. أي: البشرى بالجنة دار النعيم المقيم، وهذه الآية تتفق مع ما فعله ثلاثة من الصحابة أولهم زيد بن عمرو بن نفيل ، والثاني: أبو ذر الغفاري ، والثالث: سلمان الفارسي . فهؤلاء الثلاثة أبوا أن يعبدوا غير الله في الجاهلية، وسلمان جعل يتنقل من بلاد فارس من بلد إلى بلد حتى دخل المدينة، فهؤلاء الثلاثة عرضت عليهم عبادة غير الله فما استساغوها، ولا اطمأنوا إليها، فلم يعبدوا غير الله في الجاهلية، ولما جاء الإسلام دخلوا فيه فرحين مسرورين مستبشرين، وهذه الآية تتناولهم حيث ذكر الله فيها: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ [الزمر:17]. أي: وبعد رفضهم عبادة غير الله رجعوا إليه، فأسلموا على يد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فـ: لَهُمُ الْبُشْرَى [الزمر:17]. والذي ساق لهم البشرى وبشرهم بها هو الله جل جلاله وعظم سلطانه، فوالله إنهم لمن أهل الجنة، وهذه بشرى الحكيم العليم لهم، ويدخل في هذا كل من يعرض عن عبادة غير الله، ولا يلتفت إليها، وينيب إلى الله ويرجع إليه، ويعبده بما شرع من عبادته، والبشرى في الدنيا بالرؤية الصالحة، وفي القبر والبعث والحشر، بالجنة وهي البشرى العظيمة، وعند الوفاة تأتي الملائكة وتبشرهم قبل نزع الروح، واقرءوا قول الله تعالى في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]. فقبل أن تخرج روحه وهو على سرير الموت تنزل الملائكة من السماء وتبشره قبل أن تخرج روحه، ثم تؤخذ روحه إلى الملكوت الأعلى وتعود إلى القبر.

    ثم قال تعالى: فَبَشِّرْ عِبَادِ [الزمر:17]. أي: يا رسولي المبلغ عني بشر عبادي.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088538491

    عدد مرات الحفظ

    777202693