إسلام ويب

تفسير سورة الزمر (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من آتاه الله العقل وأنعم عليه بنعمة التفكر والتدبر فقد أوتي خيراً كثيراً، ومن رزقه الله قلباً حياً وفؤاداً يقظاً فهو السعيد في الدنيا والآخرة؛ لأن ذلك كله يتيح له رؤية الحق والنور الذي يأتيه من عند الله عز وجل، ويمكنه من فهم مراد الله عز وجل بما أنزل من آياته، فيمتلئ قلبه خشوعاً وخشية، ويقشعر جلده خوفاً ورهبة، ثم يلين رجاء ورغبة.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ * أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر:21-23].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً [الزمر:21]. هذا الخطاب يتناول الكافرين بوجود الله، وبالبعث وما يتم فيها من جزاء، ويتناول ضعفة الإيمان المصابين بالشك والارتياب.

    يقول تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً [الزمر:21]. هو ماء المطر، فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ [الزمر:21]. والينابيع: جمع ينبوع، والماء بعضه يكون تحت الأرض، فتحفر في الأرض فيخرج، وأحياناً يخرج بدون حفر، والذي فعل هذا ليست الأصنام التي تعبد ولا الأحجار ولا عيسى ابن مريم ولا غيرهم ما فعله إلا الله.

    وقوله: ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا [الزمر:21]. أي: مما يزرع من البر والشعير والذرة والأرز وما إلى ذلك، مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ [الزمر:21]. أي: هذا أصفر، وهذا أحمر، وهذا بين ذلك، وهذا أسود، ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا [الزمر:21]. أي: ينمو بسرعة، ثم يجف وييبس.

    وقوله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ [الزمر:21]. أما فاقدوا القلوب والعقول، وفاقدوا البصيرة فلا يرون في هذا شيئاً، فهذه الأطعمة التي نتناولها، وهذه المياه التي نشربها، لا بد لها من موجد، ومستحيل أن توجد بدون موجد! ومستحيل أن يوجد الشيء بدون موجد ولو إبرة! فالله هو من أوجد هذه العوالم، فكيف ينكر وجود الله ويكذب به؟ من أجل أن تستمر الأهواء والشهوات والمفاسد، عجب هذه الآية.

    إن في هذا الذي سمعتم لذكرى وعظة وعبرة ينتفع بها أصحاب القلوب الحية أما القلوب الميتة ما تنتفع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088485045

    عدد مرات الحفظ

    776952445