إسلام ويب

تفسير سورة الزمر (9)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يندد الله عز وجل بالمكذبين به وبرسله، الكاذبين عليه بأقوالهم وأفعالهم، ويشيد سبحانه بأهل الصدق والتصديق؛ لأنهم أهل التقوى والإيمان، وقد وعدهم الله عز وجل ما يشاءون في الجنة من النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول، جزاء تصديقهم للرسول، وإحسانهم في الدنيا بفعل الأوامر وترك النواهي، وذلك جزاء المحسنين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ [الزمر:32-35].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ [الزمر:32]. والله لا يوجد من هو أظلم من هذا، ولا أكثر ولا أكبر ظلماً منه.

    والظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه، وظلم العبد لربه هو بأن يصرف عبادته إلى غيره، وظلم العبد لنفسه هو بأن يلطخها بأوضار الذنوب والآثام، وظلم العبد لأخيه المؤمن يكون بسبه أو شتمه أو سلبه ماله أو سفك دمه.

    لكن أعظم الظلم: هو ظلم من يكذب على الله عز وجل فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [الزمر:32]. أي: فنسب إليه الولد وقال: عيسى ابن الله! وهذا كذب على الله وكقول اليهود: عزير ابن الله! وهذا كذب على الله، وكقول بعض العرب: الملائكة بنات الله! وهذا كذب على الله، ومن جعل لله أنداداً يعبدهم فقد كذب على الله.

    والذين يحرمون ما أحل الله أو يحللون ما حرم الله، فقد كذبوا على الله. والذين يبتدعون البدع وينسبونها إلى الله، فقد كذبوا على الله. فنبرأ إلى الله من أن نكذب عليه ولو ببعض كلمة ولو بحرف واحد؛ إذ لا يوجد من هو أظلم ممن يكذب على الله عز وجل، فلهذا لا نقول على الله إلا ما علمنا أنه لله، ولا نحلل ولا نحرم، ولا نأمر ولا ننهى، ولا نعطي ولا نأخذ، ولا ننسب إلى الله إلا ما صحت نسبته إلى الله فقط، حتى نخرج من هذه الطامة الكبرى. ثم قال تعالى: وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ [الزمر:32]. والصدق المراد به القرآن كلام الرحمن، وهو تنزيل رب العالمين على رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن كذب بالقرآن فقد كذب بالصدق. آمنا بالله وبلقائه، وبكتابه، وبرسوله.

    ثم قال تعالى: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ [الزمر:32]؟ بلى إن بها لمثوى، ولمنزل ومقام يقومون به ويعيشون فيه بلايين السنين، ، وهذا الاستفهام تقريري، نبرأ إلى الله من ذلك، ونعوذ به أن نكذب عليه أو نكذّب بالصدق الذي جاءنا من طريقه بواسطة كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464449

    عدد مرات الحفظ

    776884841