إسلام ويب

تفسير سورة غافر (16)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن ما يأتي به النبيون من الآيات والمعجزات إنما هو بإذن الله، فهو عز وجل الذي يرسل الرسل، وهو الذي يمدهم بالآيات، فضلاً عما يبثه في الأرض من الآيات البينات الدالة على عظيم خلقه، منها خلق الأنعام التي سخرها لعباده، يأكلون منها ومن ألبانها يشربون، وعلى ظهورها يتنقلون، ولا ينكر هذه الآيات إلا الغافلون، الذي يتكبرون في الأرض وفي غيهم يسدرون.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ * اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ [غافر:77-81].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [غافر:77]، الآمر هو الله جل جلاله، والمأمور هو رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وهذه الكلمة بمعنى: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

    ومنزل هذه الآية هو العليم الحكيم، إله الأولين والآخرين، والذي نزلت عليه هو رسوله الأمين، فكل آية تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

    وفي هذه الآية يأمر تعالى مصطفاه بأن يصبر على ما يلاقي ويعاني من تلك العجرفة وتلك الغطرسة، وذلك الظلم والطغيان والجدال بالباطل، والخصومة بينه وبين المشركين، وعلى رأسهم طغاة مكة أبو لهب وأبو جهل وغيرهما. فهو يأمره بالصبر حتى يبلغ دعوة الله عز وجل، ولو ينزعج ويغضب يوماً ويترك العمل فلن يبلغ أحد الدعوة، ولذلك قال له: فَاصْبِرْ [غافر:77] يا رسولنا! إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [غافر:77]. وقد وعدك بأن ينصرك، ووالله إنه لناصرك. فوعده بالنصر، وتحقق له ذلك الوعد، فنصره الله، ودخل مكة فاتحاً بجيشه.

    وقوله: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [غافر:77]، أي: على ما تلاقيه وتعانيه من عجرفة هؤلاء المشركين، وغلظتهم وشدتهم، وجدالهم بالباطل وخصوماتهم. إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [غافر:77]. وتم ما وعده الله به، فقد نصره، وفي خمسة وعشرين سنة فقط كان الإسلام قد عم هذه الأراضي كلها، والجزيرة بما فيها.

    ثم قال تعالى: فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ [غافر:77] من العذاب والأخذ لهم والشدة وأنت حي، أو بعد وفاتك، فالأمر إلينا، ولذلك قال: فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ [غافر:77] الآن بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ [غافر:77] من النقمة الإلهية والعذاب الإلهي، مقابل كفرهم وعنادهم، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ [غافر:77] قبل ذلك فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [غافر:77]. وثم نجزيهم الجزاء الأوفى الكامل بالخلود في جهنم، والعذاب الذي ما ينقطع ولا ينتهي أبداً.

    هكذا يخاطب رسول الله ربه عز وجل، فيقول: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ [غافر:77] لا كله، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ [غافر:77] قبل ذلك فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [غافر:77]. ومنهم ننتقم، ومنهم نذيقهم العذاب الأليم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088484146

    عدد مرات الحفظ

    776946290