قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات.
[ من هداية ] هذه [ الآيات ] التي تلونها وتدارسناها:
[ أولاً: وجوب الصبر ] يا عباد الله! [ على دعوة الحق والعمل في ذلك إلى أن يحكم الله تعالى ] وعلى عبادة الله تعالى. فإذا مرضت .. جعت .. أهنت .. أذلت فاصبر على دعوة الله، وعلى عبادة الله حتى تلقى الله. والله يأمر رسوله أن يصبر، وقد كان يعاني مالا نستطيع أن ندركه، وكان يقف في وسط مكة ويقول: لا إله إلا الله، والأصنام ثلاثمائة وستين صنماً حول الكعبة، وكانوا يضحكون ويسخرون، وقد حاولوا قتله، وحكموا بإعدامه، وفعلوا العجب، والله يقول له:
فَاصْبِرْ
[غافر:77]. وصبر حقاً وصدقاً، ونصره الله، وأنجز له وعده الذي وعده، كما قال تعالى:
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ
[غافر:77].
[ ثانياً: الآيات ] التي هي معجزات خارقة للعادة [ لا تعطى لأحد إلا بإذن الله تعالى؛ إذ هو المعطي لها، فهي تابعة لمشيئته ] فهذه الآيات لا يعطيها إلا الله عز وجل لحكمة، ولو أن رسولنا -كما قلت لكم- طلب آية لأهل مكة ليؤمنوا ثم لم يؤمنوا فسيهلكوا كلهم، وهذا لا يريده الله عز وجل؛ لأنها ما هي إلا سنيات وأصبحوا أولياء الله، يعبدون الله عز وجل. وكذلك لو دعا موسى أو عيسى على قومه وهلكوا فلن يبقى من يعبد الله عز وجل. والله عز وجل هو الذي يعطي الآيات عندما يرى أنها تنفع وتجدي، كما أعطى لهود وصالح آيات، وأهلك أممهم وقومهم؛ لأنهم أصروا على الشرك والكفر، فقد طالبوا بالآيات، فلما شاهدوها ما فعلوا شيئاً. وليس هناك آية أكبر من جبل ينشق وتخرج منه ناقة، فليس هناك أعظم من هذه أبداً، ولا أعظم من أن تشرب ماء المدينة وحدها يوماً كاملاً، ومن الغد يتحول إلى لبن صافٍ يحلبونه، ومع هذا سخروا واستهزئوا، فاستوجبوا الهلاك، فأهلكهم الله عن آخرهم.
[ ثالثاً: من الرسل من لم يقصص الله تعالى أخبارهم ] أبداً [ ومنهم من قص، وهم خمسة وعشرون نبياً ورسولاً ] موجودون في القرآن الكريم، من نوح إلى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم. وقد قال تعالى:
مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ
[غافر:78].
قال: [ وعدم القص لأخبارهم لا ينافي بيان عددهم إجمالاً؛ لحديث أبي ذر في مسند أحمد : أن أبا ذر رضي الله عنه قال: قلت: ( يا رسول الله! كم عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشرة جماً غفيراً ).
جمع بعضهم من ذكروا في القرآن من الآيات الآتية، فقال:
حتم على كل ذي التكليف معرفة بأنبياء على التفصيل قد علموا
في تلك حجتنا منهم ثمانية من بعد عشر ويبقى سبعة هم
إدريس هود شعيب صالح وكذا ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا ]
فقد قال تعالى في الأنعام:
وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ
[الأنعام:83]. وذكر ثمانية عشر رسولاً، وبقي سبعة مذكورين في القرآن، وهم: إدريس وهود وشعيب وصالح وذو الكفل وآدم.
[ رابعاً ] وأخيراً: [ ذكر منة الله على الناس في جعل الأنعام صالحة للانتفاع بها أكلاً، وركوباً لبعضها؛ لعلهم يشكرون بالإيمان والطاعة والتوحيد ] فالحمد لله، فهذه الأنعام خلقها الله لنا، ورزقنا لبنها ولحومها، وظهورها نركبها، فلنقل: الحمد لله، ووالله لو قلنا: الحمد لله حتى نموت فلن نوفي الله حقه. فلنشكر الله عز وجل.