إسلام ويب

تفسير سورة محمد (5)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال في المدينة أكثرهم على الإيمان والتقوى واليقين، لكن قلة قليلة لم ينفذ نور الإيمان إلى صدورهم، ولم تتخلل هداية آيات الله عقولهم، فما إن يسمعوا الآيات حتى يسخروا منها، وما إن يلامس أسماعهم الذكر حتى يهزءوا به، أفسد عليهم النفاق حالهم، وجعل النار وسعيرها مآلهم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم المدنية، ومع هذه الآيات، فلنصغ مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ * وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ * فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ * فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد:16-19].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ [محمد:16] من هو هذا الذي يستمعون إليه؟ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يخبر بهذا الخبر هو الله منزل الكتاب، يقول تعالى: (ومنهم) أي: ومن المنافقين الذين بالمدينة، ويحضرون حلق الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصلون معه، ولكنهم مؤمنون بألسنتهم كافرون بقلوبهم، ومنهم عبد الله بن أبي ابن سلول وفلان وفلان، منهم من يستمع إليك في درسك، في خطبة الجمعة، ثم إذا خرجوا من عندك حيث انتهت خطبة الجمعة وخرج الناس من المسجد يقولون لبعض المؤمنين من العالمين كـابن عباس وعبد الله بن مسعود ، يقولون لهم: مَاذَا قَالَ آنِفًا [محمد:16]؟ هذا كلام المنافقين، خبثاء، بدل أن يقولوا: ما قال رسول الله؟ أو: ما فهمنا ما قال نبي الله، بينوا لنا وعلمونا، يقولون: ماذا قال آنفاً؟ استهزاء وسخرية، والله! لقد قالوا هذا، فاسمع خبر الله تعالى عنهم.

    قال تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ [محمد:16] لكثرة الكفر والفسوق والفجور والظلم والشر ختم الله على قلوبهم فما يدخلها النور أبداً ولا يسمعون كلام الله، وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد:16]، فهنا علتان: العلة الأولى التي حملتهم على أن يهزءوا ويسخروا ويستهزئوا هو أن قلوبهم مختوم عليها ما يدخلها نور الله.

    والعلة الثانية: اتباعهم للشهوات والأهواء، ما يتبعون عقولهم أبداً، إلا ما تمليه أهواؤهم وشهواتهم.

    أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد:16]، معشر المؤمنين والمؤمنات! نبرأ إلى الله أن يطبع على قلوبنا، فهيا بنا نعبد الله ليلاً ونهاراً ولا نعصيه، ومن زلت قدمه فليبادر إلى استغفار ربه يسأل التوبة من الله ليتوب عليه حتى لا تتراكم الذنوب ويختم على القلب والعياذ بالله.

    وأما الهوى فلا قيمة له عندنا، نحن نتبع ما أمر الله به، ما قاله الله، ما أخبر به رسول الله، أما أن نتبع هوانا ونخالف ما جاء به رسول الله فهذا لن يكون أبداً، أما أولئك المنافقون فاتبعوا أهواءهم والعياذ بالله.

    هذا خبر أول أعيد تلاوته: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا [محمد:16]، ماذا قال تعالى فيهم؟

    قال: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد:16] والعياذ بالله تعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531196

    عدد مرات الحفظ

    777163764