إسلام ويب

تفسير سورة الإنسان (1)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خلق الله سبحانه آدم من تراب، وخلق ذريته من ماء مهين، وجعل لهذا المخلوق السمع والبصر، وأنزله إلى الأرض وبيّن له طريق الحق وطريق الغواية، فمن سلك سبيل الحق، وخاف يوم الحساب فأوفى بنذره، وأطعم الطعام على حبه فهو في جنة نعيم، ومن جحد نعمة الله وكفر به فمصيره جهنم، ذات الأغلال والسعير.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الأمسيات الربانية ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن الليلة مع سورة الإنسان المدنية، وآياتها إحدى وثلاثون آية، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات مجودة مرتلة، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع، إنه ولي ذلك والقادر عليه، بسم الله الرحمن الرحيم: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا [الإنسان:1-12].

    خلق آدم

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان:1]؟ إي والله، وذلك لما صنع الله تعالى آدم تركه أربعين سنة لم ينفخ فيه الروح، ثم بعد الأربعين سنة نفخ فيه الروح فكان آدم أبا البشر عليه السلام.

    هَلْ أَتَى [الإنسان:1]، و(هل) هنا بمعنى: قد، وليست الاستفهامية أو النافية، أي: قد أتى على الإنسان الذي هو آدم أبو البشر عليه الصلاة والسلام، حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ [الإنسان:1]، قال الرسول الكريم: ( أربعون سنة لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان:1]، أي: ما كان يذكر، ولا تعرفه الملائكة ولا الجن ولا الحيوانات، بل المخلوقات كلها لم تكن تعرفه عليه السلام، إذ إن الله خلق المخلوقات قبله عليه السلام، وبالتالي ما كانوا يعرفون عنه شيئاً حتى أوجده الله عز وجل.

    يقول القرطبي: كان ما بين مكة والطائف، أي: جسد ممدود على الأرض أربعين سنة، ووصفه تعالى بأنه من حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر:26]، و مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ [الرحمن:14]، قال بعض أهل العلم: أربعون سنة كان فيها كالصلصال، وأربعون سنة كالفخار، فهي مائة وعشرون سنة والعلم لله تعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088548134

    عدد مرات الحفظ

    777262528