قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: التنديد بالشرك والمشركين وتسفيه أحلامهم ].
من هداية هذه الآيات التي تدارسناها بفضل الله: التنديد بالشرك والمشركين، وتقبيح الشرك وتقبيح المشركين، وذم الشرك والمشركين، فيا عباد الله! أخلصوا لربكم عبادتكم ولا تلتفتوا إلى غير الله، لا بالأخذ ولا بالعطاء، لا بالركوع ولا بالسجود، فليس لنا إلا الله، عبادتنا لله عز وجل، بل حياتنا وقف على الله، وموتنا لله, أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ ثانياً: بيان أن المشركين في كل زمان ومكان ما يتبعون في عبادة غير الله إلا أهواءهم ].
ثاني الهدايات: بيان أن المشركين في أي زمان ومكان من عهد آدم إلى اليوم, في أوروبا، في أمريكا، في اليابان، في الصين، سبب ذلك هو ظنهم وجهلهم، ما عبدوا غير الله إلا لأهوائهم وشهواتهم، لا على علم ولا على برهان ولا كتاب ولا سنة، ما هو إلا الجهل والعياذ بالله تعالى,
إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ
[النجم:23].
[ ثالثاً: بيان أن الإنسان لا يعطى بأمانيه، ولكن بعمله وصدقه وجده فيه ].
هنا هداية أخرى, وهي: أن الإنسان لا يظفر ولا يحصل ولا يفوز بما يطلب أبداً إلا بالعمل الذي وضعه الله لذلك الفوز، فإن كنت تريد أن تحفظ القرآن فلا بد أن تعكف الساعة والساعتين واليوم أو الليلة حتى تحفظ القرآن، لا بد أن نعمل للدنيا كما نعمل للآخرة، أما مجرد الأماني فهذا باطل باطل باطل، أبطله الله في هذه الآيات.
[ رابعاً: بيان أن الدنيا كالآخرة لله، فلا ينبغي أن يطلب شيء منها إلا من الله مالكها ].
من هداية هذه الآيات: تقرير أن الدنيا كالآخرة لله عز وجل، من طلب من الدنيا شيئاً فليطلبه من الله مالكه، والله! لا يعطيك أحد إلا الله، إن طلبت الدار الآخرة فاطلب ذلك من الله، وهذا الطلب بالأسباب التي وضعها الله, بعبادات تزكي النفوس، تسعدك في الآخرة، وعمل تقوم به حسب طاعة الله ورسوله فتسعد به في دنياك؛ إذ الدنيا والآخرة لمن؟
فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى
[النجم:25] هل هناك مع الله أحد؟ ما هناك أحد, إذاً: لا نطلب غير الله أبداً.
[ خامساً: كل شفاعة ترجى فهي لا تحقق شيئاً إلا بتوافر شرطين:
الأول: أن يأذن الله للشافع في الشفاعة، والثاني: أن يكون الله قد رضي للمشفوع له بالشفاعة.
والخلاصة هي: الإذن للشافع والرضا عن المشفوع ].
هذه الهداية الأخيرة في الآيات, فهناك من يشفعهم الله من الأنبياء والرسل والصالحين, والأب يشفع في ابنه، والأم تشفع في ابنها, لكن الشفاعة بيد الله تعالى، فيقول: يا فلان اشفع، فلا بد إذاً أن نطلب الشفاعة من الله, لا من رسول ولا نبي ولا عالم، ما يجوز أبداً أن تطلبها من غير الله؛ إذ لا يملكها إلا الله، أليس كذلك؟
فحين تقوم على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: يا رسول الله! اشفع لي، فهذا كلام باطل باطل باطل، بل قل: يا رب! شفّع فيّ رسولك، يا رب! اجعلني ممن يشفع فيهم نبيك، أما أن تقول: يا رسول الله! اشفع لي، أو يا فاطمة أو يا حسين! اشفع لي، أو يا سيدي فلان؛ فهذا جهل وضلال وظلمة, ليس من دين الله في شيء.
فالشفاعة لله تعالى, فكيف نعطيها لغيره؟
فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى
[النجم:25].
ثانياً: الله عز وجل لا يرضى بشفاعة شافع إلا إذا رضي عن المشفوع له، مثلاً: أبوك قال: شفعني في ولدي, وأنا الآن من أهل الإيمان والجنة، فلا بد أن يكون الله قد رضي عن هذا الولد حتى يدخل الجنة، فلهذا فشرط الشفاعة أولاً: إذن الله تعالى بها، ثانياً: أن يكون المشفوع له مرضياً عنه، يقبله الله أن يدخل في جنته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.