إسلام ويب

تفسير سورة نوح (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من الأساليب التي يتبعها الدعاة في دعوة أهل الضلال تذكيرهم بما أنعم الله به عليهم من نعيم الدنيا، من بسط الأرض لهم وما فيها من النبات، وتسهيل سبلها لهم ليضربوا في أنحائها، ومن رفع السماء فوقهم كالسقف المحفوظ وما تحتويه من آيات بينات، وهذا الأسلوب انتهجه نوح عليه السلام مع قومه؛ ليبين لهم ما يستوجبه الاستغفار الدائم من النعيم في الدنيا والمغفرة والرحمة في الآخرة.
    الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه, ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: ها نحن مع هذه الآيات المباركة, والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا [نوح:5-20].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا [نوح:5]، وهذا هو نوح الرسول عليه السلام، وقد لبث في قومه يدعوهم إلى الله, ولأن يعبدوا الله وحده, ولا يشركوا به سواه، وقد مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً. وسبحان الله! فلولا كتاب الله الذي أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لما استطعنا أن نعرف هذه الأحداث, ونعيشها كأننا معها.

    وهذه شكوى نوح عليه السلام لربه، فقد شكا نوح إلى ربه ما عاينه وما عاشه وما قام به, وما حدث بينه وبين قومه. فنوح يشكو إلى ربه ما وجد من قومه وما لقيه منهم، وما قدموه له وكيف أعرضوا عنه. فهيا نسمع وكأننا مع نوح في تلك الأزمنة البعيدة، قال نوح: رَبِّ [نوح:5]! أي: يا رب! إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي [نوح:5] إلى أن يعبدوك وحدك, ويتبعوني؛ حتى أبين لهم ما يعبدون الله به من العبادات التي شرعها الله. وقد دعوتهم لَيْلًا وَنَهَارًا [نوح:5]. فقد كان يدعوهم بالنهار وبالليل ألف سنة إلا خمسين عاماً. فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا [نوح:6]. فكلما أدعوهم بالليل أو بالنهار ما يزيدهم دعائي إلا هروباً وتخلصاً؛ حتى ما يعبدون الله، وإنما يصرون على عبادة الأوثان والأصنام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088517415

    عدد مرات الحفظ

    777073154