إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 8للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد موت إسماعيل عليه السلام وأولاده والعالمين من ذريتهم تحول العرب إلى الوثنية، وانتشرت عبادة الأوثان والأصنام، وقد صاحب ذلك أيضاً دخول النصرانية واليهودية إلى بلاد العرب، أما النصرانية فإن أول من أدخلها إلى بلاد العرب هو العبد الصالح فيميون، ثم ما تبع ذلك من دخول الأحباش بلاد اليمن وهم على دين النصرانية، أما اليهودية فقد دخلت بلاد العرب بعد اجتياح بختنصر أرض يهود في الشمال فحملهم ذلك على النزوح إلى أرض الحجاز، بالإضافة إلا تطلعهم إلى خروج نبي آخر الزمان الذي دنا زمن خروجه.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد: فمع النتائج والعبر من المقطوعة التي درسناها في اليوم السابق لهذا اليوم، فهي تذكرنا بما سبق أن وقفنا عليه وعرفناه.

    أولاً: إذا غاب نور العلم بموت العلماء نجمت البدع واستبدل الناس الهدى بالضلال. وهذه حقيقة!

    ثانياً: ضعف الإنسان الفطري هو الذي يحمله على طلب ما يجلب له النفع، ويدفع عنه الضر، فإن اهتدى إلى الطريق الصحيح الذي يحصل به على ما يرغب، وينجو به مما يرهب فذاك، وإلا سلك مسالك الغواية والضلال من الظلم والشرك والابتداع. وهذه سنة ماضية في الخلق!

    ثالثاً: مع طول العهد من فقد العدنانيين للعلم الصحيح بالله تعالى ودينه فقد بقيت لهم بقايا صالحة، وتذكرون أن العدنانيين عاشوا فترة من الزمان على نور من الله؛ إذ بعث الله فيهم عبده ورسوله إسماعيل، ولكن بمرور الأيام وتوالي القرون انتهى ذلك النور، وجاءت الجاهلية كما مرت وعرفناها.

    إذاً: مع طول العهد من فقد العدنانيين للعلم الصحيح بالله تعالى ودينه فقد بقيت لهم بقايا صالحة، وذلك كالحج؛ إذ كانوا يحجون في الجاهلية، والعمرة: إذا كانوا يعتمرون أيضاً، وتعظيم البيت العتيق، واحترام الحرم، والأشهر الحرم، والتقرب إلى الله تعالى بالهدي وإطعام الحاج، وسقايته، ودفع الظلم عنه.

    هذا كله كان في الجاهلية، وقد حفظ الله لهم هذه البقايا الصالحة فكانوا كما شهد بذلك القرآن.

    هذه هي النتائج. وأما العبر فهي:

    العبرة الأولى يا معاشر المستمعين والمستمعات! أن المسلمين فقدوا العلم الصحيح في ديارهم، من إندونيسيا شرقاً إلى موريتانيا غرباً، وابتدعوا بدعاً سيئة شبيهة ببدع أهل الجاهلية، فقد نذروا النذور لأصحاب الأضرحة والقباب، وساقوا لهم الشاة والعجل، وحلفوا بأسمائهم، وكسوا توابيتهم بأفخر أنواع الكسوة، ولعل بعض السامعين لم يسمع بهذا، ولكن إذا خرج من المملكة وسأل عن أضرحة الأولياء ووقف وشاهد وجد ما سمعه حقاً يقينياً؛ والعلة هي فقدان العلم.

    فالعرب عندما مات إسماعيل وأولاده وأحفاده والعالمون منهم أصبحوا وثنيين ولا عجب! فالقرية أو الإقليم الذي يموت فيه العلماء ولا يبقى فيه من يعرّف الطريق إلى الله لابد وأن تحدث فيه البدع والضلالات قطعاً وبدون شك، فهذه سنة الله في الخلق.

    ثانياً: بدعة خط الرمل. وليس عندنا من يضرب خط الرمل، ولكن هناك في الشام والمغرب وفرنسا من يضرب خط الرمل، أما في عدن فلهم صفوف، وذلك للاستدلال على المغيبات عند جهال المسلمين، وهذا كبدعة الاستقسام بالأزلام عند أهل الجاهلية المشركين، أما قال تعالى: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ [المائدة:3]! ذاك هو خط الرمل، تجد الرجل يريد أن يتزوج أو يسافر أو يبني أو يغرس فلا يدري الخير فيما عزم عليه فيأتي إلى صاحب الأزلام ليخبره، والأزلام عبارة عن عيدان منظمة في كيس يديرها ويستخرج منها عوداً، فإن وجد مكتوباً عليه رابح قال لك: امش، أو مكتوباً عليه: خاسر قال لك: اجلس.

    لقد ماتت الجاهلية وجاء الإسلام، ثم عادت الجاهلية مرة أخرى فظهر بين المسلمين خط الرمل، تجدهم يخطون فيقولون لك: تزوج أو طلق.

    ثالثاً: احتيال بعض المشايخ على تحليل بعض المحرمات؛ لمنافع خاصة لهم أو لغيرهم هو مسلك النسأة في تأخير الشهر الحرام لاستحلاله، وقد قال قائلهم في ذلك:

    وكنا الناسئين على معد شهور الحل نجعلها حراماً

    فإذا احتاجت القبيلة إلى غارة أو غزوة في الشهر حرام فإنهم يأتون إلى العالم الجاهل ويقولون له: أخر لنا هذا الشهر، فيؤخروه، وكذلك وجد في المسلمين من إندونيسيا إلى موريتانيا مشائخ باسم الدين يحللون الحرام ويحرمون الحلال بفتاويهم! وتعليل ذلك هو الجهل، ظلام الجاهلية سابقاً، ثم ظلام الجهل مؤخراً، ولا فرق.

    وهكذا كل فتيا يراد بها استحلال ما حرم الله بالتأويلات البعيدة اتباع لأهل الجاهلية، واستنان بسنتهم والعياذ بالله تعالى.

    وما أُذن للناس في الربا ودخول البنوك إلا بهذه الفتاوى، فعندما أفتى من أفتى لنفسه أو لغيره -بالتدريج- أصبح أمراً معتاداً، والسبب هو الجهل، ظلام الجاهلية لا أقل ولا أكثر. هذه هي سنة الله! فالماشي في الظلام لابد أن يتخبط، ولابد أن يتكسر ولابد أن يتحطم! لما أَبعدنا الكتاب والسنة جهلنا؛ لأن فيهما هداية الله ورسوله.

    والآن إلى النصرانية واليهودية بعدما فرغنا من المشركين وجاهليتهم؛ لنتعرف كيف كان العالم قبل أن تطلع الشمس المحمدية؛ لنعرف قيمة الإسلام -وقد عرفناها-، فما إن جهلت هذه الأمة كتاب ربها وانتحت ناحية بعيدة عن سنة نبيها إلا وهي تتخبط، لقد هبطت من علياء السماء إلى الأرض وما قر لها قرارها! فمتى تستقيم إذاً؟ إذا استقامت على قال الله وقال رسوله، وأصبحت الكلمة واحدة والمذهب واحد والطريق واحد؛ حينئذٍ يرتفعون بسهولة، في أربعين يوماً يكونون سادة الدنيا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089174564

    عدد مرات الحفظ

    782446487