إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 16للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بدأت بشائر النور تسطع على وجه الأرض، ولاحت نسمات الحق تداعب جبين الزمان، فقد بلغ محمد أربعين سنة، وتهيأ بشكل كامل لحمل الرسالة، وأول ما بدأ به أمره أن انقطع في غار حراء يتعبد لربه، وكان صلى الله عليه وسلم يرى الرؤيا فتأتي مثل فلق الصبح، فما لبث أن جاءه الملك الكريم من عند رب العالمين بالرسالة، فأوحى إليه بأولى الكلمات (أقرأ باسم ربك الذي خلق).
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    ها نحن مع هذه المقطوعة من السلسلة الذهبية النورانية، وهي: [دنو ساعة طلوع الشمس المحمدية] أي: قرب طلوعها. وقد عايشناه صلى الله عليه وسلم من يوم أن ولدته أمه، وقضينا معه أحداث أربعين سنة في تلك الدراسات التي درسناها سابقاً.

    قال: [لقد بلغ الحبيب الآن الأربعين من عمره صلى الله عليه وسلم] والحبيب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى: حبيب: محبوب، من فعيل بمعنى مفعول، كجريح وقتيل وذبيح. ويحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أحد، لا يكرهه إنسي ولا جني؛ إذ ليس عنده أخلاق أو سلوك يقتضي كرهه، وأعداؤه كانوا يعرفون هذا ويحبونه، حتى اليهود والنصارى؛ لأن الكراهة لها سبب ودافع، أما هو صلى الله عليه وسلم فلا يوجد أثر في سلوكه أو ذاته يقتضي أن يُوجد بعض البغض أو الكراهية؛ فلهذا هو حبيب بمعنى: محبوب صلى الله عليه وسلم، ومن لم يحبه كفر، فمبغضه كافر، والذي لا يؤمن برسالته كافر مخلد في النار إن لم يتب قبل موته.

    [وأخذت ساعة طلوع الشمس المحمدية تقترب، وهاهو ذا صلى الله عليه وسلم إن غدا] أي: راح -بالعامية-، وإلا غدا ذهب في الصباح، وراح ذهب في العشي، لكننا بالعامية نفهم غدا بمعنى: راح. هذا حتى لا يقال: غدا بمعنى: تغدى أو أكل. قال: [إن غدا لحاجة أو راح لا يمر بشجر ولا حجر إلا قال له: السلام عليك يا رسول الله! فيلتفت حوله يميناً وشمالاً فلا يرى أحداً سوى الشجر والحجر يسلّم عليه] وإن قلت: ومن سمع بهذا؟ أو من حضره؟ فالجواب: أما رؤي وأصحابه بين يديه والحصى يسبح أمامهم؟! وكذلك شهادة الشجرة التي جاءته تسعى عندما قال له أعرابي: لا أصدق أنك رسول الله إلا إذا نطقت هذه الشجرة وشهدت لك. ووالله لقد جاءت تجر عروقها حتى شهدت أنه رسول الله.

    [فكانت هذه مقدمة الإنباء العظيم] هذا التسليم من الشجر والحجر مقدمة للنبوة المحمدية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088555997

    عدد مرات الحفظ

    777302956