إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب الحث على الخشوع في الصلاة - حديث 251-255

شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب الحث على الخشوع في الصلاة - حديث 251-255للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من المسائل المشكلة التي اختلف فيها الفقهاء قديماً وحديثاً مسألة قطع المرأة والحمار والكلب الأسود للصلاة، وهل معنى القطع البطلان، فذهب الجمهور إلى أن الصلاة لا يقطعها شيء وأن المراد بالقطع نقصان الأجر، تماماً مثل ترك الخشوع، فبدونه تصح الصلاة لكن ليس بأجرها الكامل، وإن ذهب البعض إلى وجوب الخشوع، وأبطل الصلاة بتركه.

    ذكر الصحابة المروي عنهم القول بعدم قطع الصلاة بشيء

    ننتقل بعد ذلك إلى تعقيبات على ما سبق في موضوع السترة:

    التعقيب الأول: يتعلق بمذهب الصحابة في هذه المسألة:

    فقد ذكر أهل العلم من القائلين بعدم القطع بمرور هذه الأشياء من الصحابة ابن عمر، وحديثه في الموطأ وغيره وسنده صحيح كما أسلفت .

    وذكروا منهم عمر نفسه رضي الله عنه وأبا بكر كما روى ذلك الدارقطني في السنن، وكذلك في العلل -كتاب العلل له- وسنده ضعيف جداً، لكن الدارقطني بعدما ساقه صحح الموقوف، يعني: الدارقطني نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فضعف المرفوع وصحح الموقوف، فصحح الدارقطني في العلل وقفه وكأنه يرى أنه ثابت عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وعثمان وعلي ثبت ذلك عنهما في سنن سعيد وذكرته سابقاً.

    حذيفة رضي الله عنه قال: (لا يقطع الصلاة شيء)، وأثر حذيفة رواه ابن أبي شيبة وسنده لا بأس به.

    أبو سعيد الخدري نقل عنه ذلك، عائشة رضي الله عنها نقل عنها ذلك، كما عند عبد الرزاق في مصنفه أنها قالت: (لا يقطع الصلاة شيء).

    ابن عباس رضي الله عنه نقل عنه أنه: (لا يقطع الصلاة شيء) من طريقين فيهما ضعف يقوي أحدهما الآخر، فالأثر عن ابن عباس حسن أنه قال: (لا يقطع الصلاة شيء)، وفي رواية: أنه تلا قول الله عز وجل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10].

    ابن سيرين يقول: قلت لـعبيدة، وعبيدة -بفتح العين- السلماني، يقول ابن سيرين : (قلت لـعبيدة : ما يقطع الصلاة وما يستر المصلي؟)، سؤال: (ما يقطع الصلاة وما يستر المصلي؟ فقال له: يقطع الصلاة الفجور، ويسترها التقوى)، وهذا إشارة من عبيدة إلى أنه لا يرى شيئاً يقطع الصلاة. والحديث خرجه وكيع .

    يقول ابن رجب رحمه الله في كتابه فتح الباري : وقد عمل الصحابة بأن الصلاة لا يقطعها شيء، رُوي عن الخلفاء الأربعة وغيرهم.

    إذاً: نص ابن رجب على أن هذا مروي عن الصحابة والخلفاء الأربعة.

    ومثله الترمذي قال: وهو مذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

    وكذلك أبو داود، فقد نقلت كلمته فيما مضى أنه قال: إذا اختلف النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخذ بما عمل به أصحابه من بعده. وكذلك النووي ذكر هذا ونسبه للجمهور من السلف والخلف.

    إذاً: نسبة القول بعدم القطع لجمهور الصحابة ليست أمراً غريباً، بل قال به الترمذي وأبو داود والنووي وابن رجب .. وغيرهم من أهل العلم، وكذلك شرَّاح الحديث، لو رجعت إلى شرَّاح أبي داود كـالمباركفوري وغيرهم لوجدت أنهم يصرحون بهذا، وهكذا شرَّاح الترمذي، فهو مشهور عند أكثر أهل العلم أن الصحابة غالبهم يقولون بعدم القطع.

    ذكر بعض الصحابة الذين يرون قطع الصلاة بمرور المرأة وغيرها

    لكن هناك من الصحابة من نُقل عنهم القول بالقطع، نقل القول بالقطع -مثلاً- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ونقل عن أبي هريرة، وكذلك نقل عن أبي ذر رضي الله عنه من قوله هو أنه قال: (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود)، يعني: موقوفاً على أبي ذر، وهذا الموقوف فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.

    نقل أيضاً عن ابن عباس رواية أخرى أنه قال: تقطع الصلاة هذه الأشياء، أو في رواية أنه قال: (المرأة الحائض).

    ابن عمر رضي الله عنه نقل عنه أنه قال بالقطع، وأعاد الصلاة من مرور جرو كلب أمامه.

    معاذ بن جبل نقل عنه ذلك، وفي سنده ليث بن أبي سليم وهو فيه كلام.

    وكذلك عائشة رضي الله عنها نقل عنها أنها تقول بأن هذه الأشياء تقطع الصلاة.

    كيفية الجمع بين أقوال الصحابة المختلفة

    ما وجه هذا النقل عن الصحابة أنه يقطع الصلاة؟

    أقول: ما يقال في معنى الحديث يقال في أقوال الصحابة، ما يقال في معنى الحديث المرفوع يقال في معنى ما قال الصحابة، فإذا قال أبو هريرة مثلاً أو ابن عباس : (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود) قلنا: نعم، لكن ما مراد ابن عباس أو أبي هريرة في قوله: (يقطع الصلاة)، هل مراده: يبطلها ويوجب استئنافها، أو مراده ما ذهب إليه الجمهور من أنه ينقص من أجرها، أو يقلل من ذكرها أو خشوعها.. أو ما أشبه ذلك؟

    فالإشكال الوارد على الحديث من حيث المعنى هو وارد على أقوال الصحابة.

    ولذلك مما يؤكد هذا الكلام أنك تجد الصحابي الواحد ينقل عنه في المسألة قولان، ابن عباس مثلاً مرة يقول: يقطع الصلاة كذا وكذا، ومرة يقول: لا يقطع الصلاة.

    فنقول: لا داعي لأن نضرب كلام ابن عباس بعضه ببعض، بل نقول: إن مراد ابن عباس بالقطع ليس الإبطال، وإنما مراده إما نقصان الأجر أو نقصان الخشوع.. أو ما أشبه ذلك، والله أعلم.

    إذاً: نقول: ما نُقل عن الصحابة من القطع يشكل عليه نفس الإشكال الوارد على الحديث المرفوع من حيث المعنى، أنه هل المراد بالقطع فعلاً إبطال الصلاة وأنه يجب أن تُستأنف من جديد، أم أن المقصود نقصان الأجر أو نقصان الذكر أو الخشوع؟ هذه واحدة.

    النقطة الثانية: أنني أقول: إن بعض الإخوة من طلبة العلم يأتون إلى حديث مرفوع مثل أبي ذر الآن نُقل عنه -كما في صحيح مسلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه يقطع صلاة الرجل المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود )، بعد ذلك نجد رواية أخرى عن أبي ذر أنه نفسه يقول: (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود)، مع أن الرواية الموقوفة على أبي ذر فيها -كما ذكرت لكم- راو ضعيف وهو علي بن زيد بن جدعان .

    فنقول: إن الحديث المرفوع في صحيح مسلم عن أبي ذر يقوي الحديث الموقوف، هل هذا المسلك جيد أم ليس بجيد؟ أن نقوي الحديث الموقوف على أبي ذر من كلامه هو بالحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ هذا المسلك هل هو صحيح وحسن؟

    هذه ملاحظة، وهي: أن علماء المصطلح أحياناً يُعِلُّون الحديث المرفوع بالموقوف، أو يعِلُّون الحديث الموقوف بالمرفوع، يعني: إذا جاء الحديث من طريقين: مرة مرفوعاً ومرة موقوفاً، قد يقولون: إن المرفوع ضعيف والصحيح الموقوف، وقد يعكسون، بمعنى: أن الحديث واحد لكن مرة جاء مرفوعاً ومرة جاء موقوفاً، فمن أهل العلم من يقول: الرفع زيادة ثقة فيقبل المرفوع، ومنهم من يرجح فيقول بحسب قوة الإسناد.

    وإذا نظرنا وجدنا أنه في هذا الموضع المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أصح، وفيه زيادة، أما أنه أصح فإنه ليس فيه راو ضعيف، بل أخرجه مسلم، بخلاف الموقوف فإن فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. هذه واحدة.

    الوجه الثاني: أن المرفوع فيه زيادة ثقة، فيه زيادة رواها ثقة، وهو أنه قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخلاف الآخر فإنه ليس فيه: (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) وإنما هو من كلام أبي ذر .

    إذاً: فالمرفوع حينئذ هو الراجح، وبناء عليه يُضعَّف الموقوف، فيكون المرفوع يزيد الموقوف قوة أو يزيده ضعفاً؟ يزيده ضعفاً، وهذه طريقة معروفة عند العلماء، فلا يقوَّى به الموقوف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087496738

    عدد مرات الحفظ

    772676213