المقدم: اللهم آمين جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! للسلف الصالح سماحة الشيخ هدي في استقبالهم لهذا الشهر الفضيل، كيف كان هدي الصحابة رضوان الله عليهم في استقبالهم لهذا الشهر؟
الشيخ: يستقبلوه بالفرح والسرور، والتواصي بالعمل الصالح فيه؛ لأنه شهر عظيم نعمة من الله إدراكه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: (أتاكم رمضان، شهر مبارك شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليلة تطوعاً)، فالمؤمن يستبشر بهذا الشهر ويجتهد في أداء الأعمال الصالحة فيه، ويفرح به كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه به عليه الصلاة والسلام.
السؤال: سماحة الشيخ! لا شك أن للصيام معان سامية وعظيمة، فنسأل يا سماحة الشيخ! ونقول: ما هو الغرض من الصيام؟
الجواب: الغرض من الصيام: هو التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بترك الشهوات التي كان يعتادها طاعة له، وتعظيماً له، وتقرباً إليه بما شرع سبحانه وتعالى؛ لأن الله جل وعلا يحب من عباده أن يتقربوا إليه بترك ما تحبه نفوسهم طاعة له وتقرباً إليه، فإن من طبيعة الإنسان محبة الأكل والشرب والاتصال بأهله، فالله جل وعلا فرض عليه ترك ذلك في أيام الصيام تقرباً إليه، وابتلاء وامتحاناً له هل يؤثر محاب الله أو يؤثر هواه؟ فإذا وفقه الله لإيثار محاب الله وطاعته سبحانه وتعالى بصيانة صيامه عما حرم الله عليه، كان ذلك دليلاً على قوة إيمانه، وقوة يقينه، ورغبته فيما عند الله عز وجل.
السؤال: سماحة الشيخ! قد يسأل سائل سماحة الشيخ
عبد العزيز ويقول: كيف تصوم الجوارح في رمضان؟
الجواب: صيام الجوارح كفها عن محارم الله. إذا صام الإنسان يصوم لسانه عن محارم الله، يغض بصره يغضه عن محارم الله، يده يكفها عن محارم الله، رجله لا يمشي بها إلى محارم الله.. هكذا مثلما قال جابر رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن ذلك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
فالمؤمن يصون جوارحه عن الظلم والتعدي، ويغض بصره عن المحارم، وسمعه عما لا يحل له، ولسانه عما لا يحل له.
السؤال: هذا السائل سماحة الشيخ
عبد العزيز يقول: لماذا اختص الله عز وجل الصوم من بين سائر العبادات بقوله: (
الصوم لي وأنا أجزي به)؟
الجواب: استنبط بعض أهل العلم من هذا: أنه سر بينه وبين الله اختصه الله بنفسه؛ لأنه شيء لا يعلمه إلا الله، لو أكل أو شرب أو جامع ما درى عنه أحد من الناس إلا زوجته إذا جامعها، ولو أكل في محل خاص أو شرب لم يعلمه أحد إلا الله، فإذا ترك هذه الأشياء في السر والجهر مراقبة لله، وطاعة لله، وتعظيماً له، فالله سبحانه يقدر له هذا التعظيم، وهذه العناية، ويدخر له فضل هذا العمل العظيم، وجعله خاصاً به سبحانه: (الصوم لي وأنا أجزي به) جعل الله له به كرامة وزيادة في الأجر؛ لأنه سر بين الله وبين عبده سبحانه وتعالى.
السؤال: سماحة الشيخ! هذا سائل يقول: بأنه رجل عليه صيام ليوم واحد وجاء رمضان ولم يصم ماذا يعمل؟
الجواب: يؤجل، فإذا خرج رمضان يصوم اليوم الذي عليه ويطعم مسكين، كما أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن تأخيره إذا كان أخره بغير عذر، أما إن كان مريض جاء رمضان وهو مريض ما طاق السنة كلها فهو معذور يقضيه ولو بعد ذلك ولا حرج ولا شيء عليه، لكن إذا أخره تساهلاً فإنه يقضي اليوم أو الأيام ويطعم عن كل يوم مسكيناً كفارة زيادة، مع التوبة إلى الله والندم والإقلاع مع عدم العودة إلى التأخير.
السؤال: نختم هذا اللقاء سماحة الشيخ بسؤال لأحد الإخوة يقول: من رأى شخصاً يفطر ناسياً هل يخبره بالإمساك؟
الجواب: نعم، ينبهه إذا رآه يأكل أو يشرب، يقول: أنت صائم تنبه؛ لأنه منكر ظاهر وإذا كان يغفر له لأجل نسيانه لكن لا يغفر لمن حضره ألا ينبهه.
المقدم: سماحة الشيخ قبل أن نختم هذا اللقاء وهذه الحلقة تذاع في أول يوم من رمضان هل تود أن تضيف أي نقطة في هذا اللقاء الطيب المبارك معكم؟
الشيخ: أضيف في الوصية السابقة: الوصية بهذا الشهر العناية بتقوى الله، وأن يحذر ما حرم الله عليه في هذا الشهر الكريم، وأن يبذل وسعه في اغتنام الأعمال الصالحات التي يستطيعها في هذا الشهر الكريم؛ لأنها فرصة عظيمة.
المقدم: اللهم آمين، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من المقبولين في هذا الشهر الكريم، وأن يكون هذا الشهر شاهداً لنا بالعمل الصالح لا شاهداً علينا.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكر الله لسماحته، وشكراً لزميلي مهندس الصوت: فهد العثمان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.