إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (984)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من السودان، الخرطوم بحري، الرسالة من إحدى الأخوات المستمعات، تقول المستمعة: (أ. أ. الرشيد)، أختنا لها بعض الأسئلة، فتسأل أولاً عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى في سورة الرعد: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالآية الكريمة آية عظيمة، تدل على أن الله سبحانه لكمال عدله وكمال حكمته لا يغير ما بقوم من خير إلى شر ومن شر إلى خير، ومن رخاء إلى شدة ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة ثم غيروا غير عليهم بالعقوبات والنقمات والشدائد والجدب والقحط والتفرق، وغير هذا من أنواع العقوبات؛ جَزَاءً وِفَاقًا [النبأ:26].. وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].

    وقد يملي لهم سبحانه، ويمهلهم ويستدرجهم؛ لعلهم يرجعون، ثم يؤخذون على غرة، كما قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام:44]، يعني: آيسون من كل خير -نعوذ بالله- وقال سبحانه: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، فقد يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت -نسأل الله السلامة- ويكون ذلك أعظم للعقوبة وأشد في النقمة، وقد يكونوا في شر وبلاء ومعاصي، ثم يتوبون ويرجعون إلى الله ويندمون ويستقيمون على الطاعة؛ فيغير الله ما بهم من بؤس ومن فرقة ومن شدة ومن فقر إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة وصلاح حال؛ بأسباب أعمالهم الطيبة، وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى.

    وفي الآية الأخرى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]، فهذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير، ثم غيروا بالمعاصي؛ غير عليهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد يمهلون كما تقدم.

    والعكس كذلك، إذا كانوا في سوء ومعاصي أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا واستقاموا على طاعة الله غير الله حالهم السيئة إلى حال حسنة.. غير تفرقهم إلى اجتماع ووئام.. غير شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء.. غيرهم من الجدب والقحط الذي هم فيه وقلة المياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات الأرض وغير ذلك من وجوه الخير، هكذا معنى الآية الكريمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522069

    عدد مرات الحفظ

    777107206